القرآن الكريم يتحدث عن ظلمة الكون
بقلم : المهندس : شبل جمال
لم تكن العلوم البشرية و خاصة الفلكية منها قد وصلت الى ما وصلت اليه اليوم من تطور علمي وتقني وقت نزول القران الكريم. حيث ارتادت البشرية الفضاء و اكتشفت ظلمة الكون عند اجتياز طبقة الغلاف الجوي الارضي بعد نزول القران باربعة عشر قرنا من الزمن. حيث فوجئ أول رائد الفضاء الأمريكي نيل ارمسترونغ عام 1969 بظلمة فجائية حالكة و عدم قدرة على الرؤية لحظة خروجه من طبقة الغلاف الجوي (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ15).
حيث تبين بان الظلمة هي الاصل في الكون و تشكل 25% من الكون بأكمله و سميت فيما بعد بإسم المادة السوداء Dark Matter بعد ان كان يعرف الليل او الظلمة باللاشيء و هذا ما ثبت عدم صحته فيما بعد. حيث اكتشف بان للظلمة او المادة السوداء درجة حرارة و كثافة و جاذبية عالية جدا تساعد على بناء النجوم و المجرات بعد ان تتكاثف الغازات و الغبار الكوني بفعل جاذبية المادة السوداء تلك و ما ينتج عنها بعد ذلك من تفاعلات نووية تؤدي الى تكون الهيليوم و الطاقة الضوئية والحرارية التي تشع بها النجوم مثل الشمس التي ننتمي اليها. كما يمكن ملاحظة جاذبية المادة السوداء من خلال الانبعاج الضوئي الذي تقوم به التجمعات المجرية للضوء القادم من المجرات المتواجدة خلف تلك التجمعات. علما بأن التجمعات المجرية تلك تتكون من نجوم و كواكب تابعة لها (للنجوم) و كويكبات بالاضافة الى المادة السوداء التي تشكل النسبة الاكبر من بين مكونات المجرة والتي تؤثر بجاذبيتها العالية على الضوء القادم من المجرات البعيدة و تحرفه عن مساره.
فالكون عبارة عن ظلمة حالكة محيطة بكل النجوم و الكواكب و الكويكبات و المجرات احاطة كاملة و نجد هنا اشارة و ومضة معجزة في الاية الخامسة من سورة الملك (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ) عندما يصف لنا رب العزة النجوم (مَصَابِيحَ) التي نراها في صفحة السماء بانها زينة فهذا خير دليل على ضآلة تلك النجوم (المادة المرئية) مقارنة بحجم الظلمة الكونية (المادة السوداء) لان الزينة عادة ما تكون الجزء الاصغر من مجسم او منظومة ما. و هذا ما اثبته العلم الحديث؛ حيث تبين ان نسبة المادة المرئية للكون لا تتجاوز الخمسة بالمئة من حجم الكون المرئي بينما نسبة المادة السوداء تصل الى 25% و ماتبقى من الكون عبارة عن طاقة مظلمة Dark Energy. كما اثبت العلم الحديث ايضا بان الشمس و غيرها من النجوم محاطة احاطة كاملة بالظلمة او المادة السوداء تلك كما جاء في الاية الرابعة من سورة الشمس (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا). و مما لا شك فيه فإن مصدر هذه الكلمات المعجزة هو الله تعالى الذي يرى و يحيط بكل شئ علما.
و حتى تلك الشمس البازغة التي تشرق علينا نهار كل يوم ارضي لا نرى منها سوى قرصا ازرقا باهتا عند اجتيازنا لطبقة الغلاف الجوي الارضي الذي يجلي ضوء اشعة الشمس من خلال تشتيت تلك الاشعة الضوئية الشمسية من على هباءات الغبار و جزيئات الغاز المكونة للغلاف الجوي و هذا ما اشارت اليه الاية رقم 3 من سورة الشمس (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) و النهار هنا هي طبقة النهار في الغلاف الجوي الارضي التي تشتت الاشعة الشمسية كي نحصل على منظر النهار المبهج و البراق. و بكلمات اخرى فإن طبقة الغلاف الجوي هي التي تجلي الشمس و ليس العكس في سبق علمي يهد بربوبية كلمات هذه الاية الكريمة. و كي يبين لنا رب العزة رقة طبقة النهار مقارنة بظلمة الكون المحيطة بالكرة الارضية و المتصلة بطبقة النهار تلك قال تعالى في الاية رقم من سورة يس (وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) حيث شبه رب العزة طبقة النهار بجلد الذبيحة الذي نسخله من جسدها بعد اتمام عملية الذبح في اشارة الى تشابه كل من طبقة النهار و جلد الذبيحة في رقتهما بالنسبة الى ظلمة الكون و جسد الذبيحة على التوالي. و هذا ما اثبته العلم الحديث؛ فرائد الفضاء الناظر الى الارض من على القمر مثلا يرى ظلمة حالكة تحيط بكامل الكرة الارضية و طبقة النهار عبارة عن طبقة رقيقة جدا تحيط بالجزء الارضي المقابل للشمس و تكون متصلة بظلمة الكون. اما الجزء الاخر من الكرة الارضية فيكون مغمورا بشكل كامل في الظلمة الكونية. و الصورة التي في الاسفل توضح لنا منظر الارض من على سطح القمر.