(ذكاء الحشرات يدحض خرافة التطور )
بقلم : محمد محمود
هل تفهم الحشرات علوم الجينات؟ أم أن أخطاء النسخ قادرة على كتابة كتب التعليمات لادارة الالات؟ طبعا بعد أن صنعت تصميمات الالات نفسها؟ كيف كانت الالة مفيدة بدون تعليمات التشغيل؟ و كيف كانت مفيدة قبل أن تكتمل أجزاءها؟ و كيف كانت تعليمات التشغيل تستخدم قبل أن تكتمل هى الأخرى؟ لا تتعب نفسك فى التفكير فيكفى أن تنطلق كلاما انشائيا على غرار "نشأت خطوة خطوة" و "تكيفات نافعة تدريجية" و غيرها من الحشو الكلامى لتجيب
تمتلك الحشرات الاجتماعية كالنمل و النحل فى جيناتها تصميمات للكثير من الالات التى تستخدمها من غدد لافراز مواد بناء و أخرى لتصنيع غذاء للصغار و ثالثة لاطلاق اشارات للتواصل...الخ و لكن لا يتم تفعيل كل هذه السمات دفعة واحدة بل يتم تفعيلها حسب الدور الحالى الذى تقوم به الحشرة فى المستعمرة. مثلا عندما تحتاج خلية النحل الى نسبة أكبر من العاملين فى وظائف بعينها تقوم بتعديل درجات حرارة الحضانات (غرف حفظ اليرقات) و حسب درجة الحرارة تخرج الشغالات الجديدة بجينات أنشط لوظيفة أو أخرى.
Bees that emerge from cooler pupae primarily undertake tasks that differ from those of bees stemming from warm pupae...The influence of temperature on metamorphosis is known from many experiments on other insects. Unique to honeybees is that they themselves determine the temperature at which their sisters will develop...This adaptability of the system rests on a genetic component expressing itself in the deliberate raising of particular specialists in disproportionate numbers.
Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008) p. 232, 254, 265
طيب كيف يتحكم النحل فى درجة الحرارة؟ للتبريد و التهوية يقوم بخفقان الأجنحة أمام مدخل الخلية ليصنع مروحة أو رئة عملاقة كما لقبها بعض الباحثين و يقوم أيضا بنثر قطرات مياه على مسدسات الشمع. أما التدفئة فهو يترك مسدسات فارغة بين غرف اليرقات ليستخدمها لاحقا كوحدة تدفئة مركزية و عند الحاجة يدخل اليها و يبدأ فى احداث تقلصات انقباض و انبساط فى جسده لتوليد حرارة للغرف المجاورة...و النتيجة تفعيل جينات بعينها دون أخرى فى اليرقات
أما عند الرغبة فى انتاج ملكة جديدة مثلا بسبب انخفاض خصوبة الملكة القديمة فيقوم النحل بتغيير النظام الغذائى لليرقة الى نظام غذائى مختلف يضمن تفعيل جينات التكاثر. طيب كيف عرف النحل أصلا أن خصوبتها انخفضت؟ لأنه يمتلك أجهزة استشعار خاصة تلتقط فيرمونات الخصوبة لدى الملكة. و لا تقتصر علوم النحل الجينية على هذا فقط بل ان الملكة تدرك أى البويضات مخصبة و أيها لا و بالتالى أيها سينتج ذكورا و أيها اناثا فتضع كل بيضة فى مسدس الشمع (الحضانة) ذات الحجم الملائم للجنين المنتظر الذى حددته الجينات بعد أن قامت فى المختبر المبنى داخل جسدها بالتحكم فى عملية التلقيح
if she finds a large cell, she lays an unfertilized egg that will develop into a drone. The machinery in the sexual apparatus of the queen bee, which can allow a few sperm cells access to the egg, or prevent this, must be very reliably controllable.
Jürgen Tautz et al., "The Buzz about Bees: Biology of a Superorganism" (2008): p. 134
حاول أن تتخيل سلسلة من أخطاء النسخ تنتج شيئا كهذا فى خطوات نافعة. تحتاج الى انتاج المعدات hardware فى الجينات التى ستجعل السمات التشريحية و الغدد موجودة و بالتوازى مع هذا تحتاج الى وضع المفاتيح المناسبة لكل حزمة صفات (حرارة/طعام...الخ) و بالتوازى مع هذا تحتاج الى برمجة الجهاز العصبى للحشرة على السلوك الذى سيفعل المفتاح الجينى و الا فان الجينات بمفاتيحها ستقبع دول تشغيل و بالتوازى يجب ضبط هذا السلوك ليحدث بدوره عند شرط معين و الا فان الجينات الخطأ سيتم تفعيلها فى الظروف الخطأ. ان ضبط مثل هذا الأمر يتطلب معرفة ببيولوجيا اليرقات و أى جينات تتفعل عند أى درجة حرارة أو وفقا لأى نظام غذائى و لو انتظر النحل حتى تضبط له أخطاء النسخ هذا السلوك عبر الأجيال لهلكت اليرقات و هلك النحل و انقرض و هو ما يضيف عبئا تفسيريا ضخما على أخطاء النسخ المجيدة لتفسير كيف يمكن انتاج مثل هذه البرمجيات المتناسقة و المعدات المطلوبة لتنفيذها و تنسيق كل عملياتها بالشكل الصحيح وفقا للظروف الصحيحة بعيدا عن الحشو الكلامى و السيناريوهات النظرية و التعويل على أن الانتخاب الطبيعى على كل شئ قدير.
المدهش أن كاتب كتاب The buzz about bees و هو من أشهر دارسى النحل فى العالم يؤكد لنا أنه لا داعى أبدا للاعتقاد فى التصميم فنشأة كائنات اجتماعية كالنحل أمر حتمى inevitable و لا حاجة لاستدعاء مصمم لتفسيره. لماذا هو أمر حتمى؟ لأن السلوكيات الاجتماعية مفيدة و تساعد على التكيف على البيئة! هكذا و بمنتهى البساطة أى شئ مفيد سيظهر بدون تصميم و أى شئ يساعد الكائن فى بيئته فانه و لابد من صناعة الانتخاب الطبيعى أو كما يقول باحث اخر أن الانتخاب الطبيعى اذا فضل شيئا معقدا فان هذا الشئ المعقد سيتطور
“...the same processes that determine the evolution of other complex traits: whenever selection persistently favors the simultaneous optimization of multiple traits, genetic correlations among these traits will evolve”
Francisco Pulido “The genetics and Evolution of Avian Migration” BioScience 57, no.2 (2007): 166-170
أو كما يقول ثالث اأشياء المعقدة يصنعها التطور و لا يصنعها المهندسون
Observing that something is complex and diverse is evidence that an evolutionary process created it, rather than an engineer.
PZ Myers "Creationist thinks evo-devo ‘refutes’ evolution" Free Thought Blogs (7 March 2023)
كل هؤلاء علماء و ما يقولونه فى جانب توصيف الأشياء رائع جدا و لكن ما يقولونه فى جانب مصدرها كلام لا يقوله عاقل و منبعه اضفاء قدرات خارقة على الطبيعة غير موجودة فيها. الأشياء المعقدة لا يصنعها مصممون بل تصنعها أخطاء النسخ و الديل؟ أنها مفيدة لذا أتى بها الانتخاب الطبيعى...لا أعرف ما الذى كان سيفعله العلم بدون التفسيرات العبقرية لنظرية التطور.
للتوسع بأمثلة أكثر و مصادرها:
https://illadinstormrage.wixsite.com/molakhasat/post/الفطرة-الحيوانية-خوارزميات-نمو-الفرد-و-المستعمرة