الرد على الافتراء الزاعم بأنَّ ارسطو سَبَق القران الكريم في ذِكر وجود فاصل بين مياه البحر المالحة والعذبة
الرد على الافتراء الزاعم بأنَّ ارسطو سَبَق القران الكريم في ذِكر وجود فاصل بين مياه البحر المالحة والعذبة
بقلم : محمد سليم مصاروه
صيدلي وماجستير في علوم الأدوية
يزعم اعداء الاسلام والمفترون عليه بأن ارسطو قد سبق القرآن الكريم بذِكر حقيقة وجود فاصل بين مياه البحر المالحة والعذبة.
في البداية نعرض عليكم الافتراء ويليه الرَد :
الافتراء -البرزخ في البحر
الآية المرتبطة:”مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ” الرحمن (20)
وأيضاً: “وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا”
من السخف أن نسمي هذا إعجازاً، لأن هذه الظاهرة معروفة منذ زمن قديم قبل محمد، وذكرها أرسطو بالتحديد حوالي عام 350 قبل الميلاد في كتابه المسمى Meteorology، والكتاب موجود بشكل مجاني على الإنترنت (يمكنكم البحث عنه وتحميله)، والمقطع التالي من الكتاب يتحدث عن الظاهرة:
The drinkable, sweet water, then, is light and is all of it drawn up: the salt water is heavy and remains behind, but not in its natural place.
والذي يقول: “الماء الصالح للشرب أو الحلو أخف وينسحب عن الماء المالح والذي يكون ثقيلاً والذي لا يكون في مكانه الطبيعي. “
ويمكنكم الاطلاع على تفاصيل أكثر في الكتاب نفسه.
الآن السؤال: محمد تحدث عن الظاهرة بعد 1000 عام من أرسطو وتسمون هذا إعجاز؟ هل هذا إعجاز أم حماقة من المـســلمين الذين يصدقون هذا الهراء؟
الرَّد :
كالعادة، اعداء الاسلام يُخادعون ويُخفون الحقيقة ظنًا منهم انهم بذلك سيمررون أكاذيبهم على العامة.
والحقيقة هي أنَّ ارسطو في الجزء الثاني من كتابه المسمى Meteorology يتحدث عن سبب بقاء مياه البحر مالحة ، على الرغم من انصباب مياه الانهر العذبة فيها . ويعتقد ارسطو ان السبب يعود الى تبخر المياه العذبة الواصلة الى البحار (لأنها اخف وزنًا) وبقاء المياه المالحة لانها اثقل. وأرسطو لا يذكر وجود حاجز عمودي بين مياه البحر المالحة ومياه عذبة لنهر او اقل ملوحة لبحر آخر مثلما تذكر آيات القرآن ذلك:
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 19 ـ 22].
وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل:61 ].
واليكم الاقتباس كاملًا ، من كتاب ارسطو،الجزء الثاني part 2, الفقرة السادسة
The drinkable, sweet water, then, is light and is all of it drawn up: the salt water is heavy and remains behind, but not in its natural place. For this is a question which has been sufficiently discussed (I mean about the natural place that water, like the other elements, must in reason have), and the answer is this. The place which we see the sea filling is not its natural place but that of water. It seems to belong to the sea because the weight of the salt water makes it remain there, while the sweet, drinkable water which is light is carried up.
في الاقتباس التالي يعتقد ارسطو ان كل المياه العذبة المنسكبة الى البحار تتبخر في الحال بسبب مساحة انتشارها الهائلة على سطح البحر ، وأما مياه مياه البحر المالحة فلا تتبخر وتبقى كميتها كما هي !
الاقتباس من آخر 12 سطر في الفقرة السادسة
Only all the light and sweet part of it is quickly carried off by the sun, while herest remains for the reason we have explained. It is quite natural that some people should have been puzzled by the old question why such a mass of water leaves no trace anywhere (for the sea does not increase though innumerable and vast rivers are flowing into it every day.) But if one considers the matter the solution is easy. The same amount of water does not take as long to dry up when it is spread out as when it is gathered in a body, and indeed the difference is so great that in the one case it might persist the whole day long while in the other it might all disappear in a moment-as for instance if one were to spread out a cup of water over a large table. This is the case with the rivers: all the time they are flowing their water forms a compact mass, but when it arrives at a vast wide place it quickly and imperceptibly evaporates.
هذا هو رابط الكتاب لمن يهمه الامر
http://classics.mit.edu/Aristotle/meteorology.2.ii.html
الظاهرة الطبيعية التي تتناولها آيات القران الكريم هي غير مألوفة في منطقة شِبه الجزيرة العربية، ومن المستبعد أنَّ يكون صلى الله عليه وسلم وأهل قريش قد رأوها عيانًا،ويمكن ملاحظتها جليًا عند التقاء المحيطات او انهر ضخمة ومحيطات مثل: مَصَب نهر " فريزر " بكندا في المحيط الهادئ، مَصَب نهر " سالمون" بالولاية الامريكية " اوريچون" في المحيط الهادئ ، مَصبات نهر " الأمازون " في المحيط الأطلسي
تذكر آيات القران الكريم وجود حاجز ( برزخ ) في منطقة التَماس وان الحاجز يُكَوِّن منقطة عازلة (حِجرًا محجورًا) بين البحرين المتباينين بدرجة الملوحة .
حيث تلتقي المياه العذبة مع المالحة تمتد المياه الأقل ملوحة الى الامام داخل المياه المالحه وفي الاسفل يحدث العكس، اذ تمتد المياه الاكثر ملوحة عبر المياه العذبة، وكلما إقْتَربَت من القاع كلما إمتدت أكثر فأكثر ، تطفو المياه العذبة فوق المالحة بسبب كثافتها المنخفضه ووزنها النوعي الأخف ، وبنظره جانبية تبدو المياه العذبة كأنها تركب فوق المياه المالحة من القاع وحتى السطح، مُتخذةً شكل مثلث مقلوب ( وتَد) ولذلك يُسمَّي ب" وتد مائي " water wedge .
ينتج شكل الوتد بسبب حدوث توازن بالضغط الهيدرودينامي ( ضغط السائل المتحرك)، وهو ضغط مُوَجَّه من كل نوع من الماء نحو النوع الاخر، ويزداد الضغط مع ازدياد العمق ازداد العمق فيصل أقصاه حيث القاع ولذلك تتوغل هناك المياه المالحة أقصى ما يمكن.
بطبيعة الحال فان الحد الفاصل (البرزخ ) بين المائين مُتَحرك وخاضع لقوى المد والجزر، وللتيارات السفلية للماء.
كما تلاحظ اخي القارئ ، آيات القران تذكر امورًا دقيقةً هي مدعاة الى التفكر والتأمل. وأما اعداء الاسلام فلا بضاعة لهم غير الكذب والخداع في محاولة منهم الطعن في الاسلام ، ويبدو انهم غافلون عن حقيقة أنَّ {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.