الهجرة الى المدينة
بقلم : محمد سليم مصاروه
صارت الظروف مهيأة للمسلمين للهجرة الى يثرب (المدينة المنورة) وذلك بفضل نجاح بيعة العقبة الثانية وكون الأنصار يمثلون عددًا لا بأس به في يثرب، واستعدادهم لدعم مسلمي مكة والبذل والكفاح من اجل قضية الاسلام.
رافق ذلك اشتداد إيذاء مشركي مكة للمؤمنين بما فيهم الرسول ﷺ. أذِنَ الرسول ﷺ للصحابة بالهجرة فبدأوا يخرجون إلى يثرب خفية أفرادًا وجماعات حيث وجدوا عند الأنصار المأوى والامان. قرر مشركو مكة قتل ﷺ فاتاه الامر الالهي بالخروج، خرج ﷺ خفية هو وابو بكر الصدّيق في ليلة 27 من صفر من السنة 14 من البعثة الموافق ل 12 سبتمبر سنة 622م.
وصل ﷺ وابو بكر الى غار ثور الواقع بين مكة والمدينة ومكثا فيه ثلاث ليالٍ حتّى تأكدا ان مُشركي مكّة والذينَ ثارَت ثائرتُهم حين علموا بالأمر توقفوا عن ملاحقتهما وقد تكفَّلت أسماء بنت أبي بكر بإرسال الطَّعام إليهما أثناء تلك المدَّة. بعد الخروج من الغار انضم اليهما عبد الله بن أريقط والذي كان الدليل في الطريق كما كان معهما عامر بن فهيرة ليساعدهما ويخدمهما، وبذلك كانوا في الهجرة ثلاثة والدليل هو الرابع.
سلَك ركب الرسول ﷺ مسارًا غير مألوفا أو متوقعًا وذلك من باب الحيطة، ويقدَّر طول مسلك الهجرة النبوية بـ 380 كيلومترًا وتذكر الروايات على الاقل 29 محطة في طريق الهجرة. وصل النَّبيُّ ﷺ الى قباء بالقرب من المدينة في الثامن من ربيع الأول، وقد كان اهل يثرب متلهفين للقاء الرسول فخرجوا لاستقباله في قباء وفيها أسَّس فيه أوَّل مسجدٍ للمسلمين.
دخل الركب النبوي المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول 27 سبتمبر 622 م وبذلك استغرقت الرحلة ما يقارب 15 يوماً من لحظة الخروج من مكّة إلى حين الوصول الى المدينة المنورة.
ساهمت الهجرة الى المدينة المنورة في اقامة اول مجتمع ونظام اسلامي على رقعة أرضٍ مستقلة، يمارس فيه المسلمون دينهم دون اضطهاد او ملاحقة، ورسخت مبدأ الاخوة حيث تلاشت الصراعات التاريخية داخل مجتمع الانصار وهناك قويت شوكة الاسلام وانتشر الى انحاء العالم.
في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم اعتماد الهجرة النبوية كبداية للتقويم الاسلامي