غزوة بني قنيقاع
بقلم : محمد سليم مصاروه
حدثت غزوة بني القنيقاع في شوال سنة 2هـ، عام 624 م بعد أقل من شهر من غزوة بدر. كان بين ﷺ وقبائل اليهود الثلاث القاطنة في المدينة المنورة (بنو النضير، بنو قنيقاع وبنو قريظة) معاهدات ومواثيق، ولكنهم حاولوا مرارًا وتكرارًا أن ينقضوا الميثاق، وتحدثوا كثيرًا بالسوء، ليس فقط عن الصحابة، وليس فقط عن رسول ﷺ، بل عن ربِّ العالمين. كان بنو قنيقاع اصحاب حرف ورؤوس اموال وكانوا يجتهدون في بث الشك والشبهات عن الاسلام في قلوب الضعفاء من المسلمين، كما أنهم كانوا يضيقون سبل العيش على المسلمين في المدينة في حالة وجود ارتباط مادّي معهم. لذلك بعيد غزوة بدر، جمع ﷺ يهود بني قينقاع في سوقهم وحذَّرَهم من خرق المعاهدة واستمرارهم في التمادي. ردَّ بنو قنيقاع باستخفاف وتحدّوا رسول الله بصراحة سافرة قائلين بأنهم اقوياء وليسوا مثل قريش في بدر. بلغت التجاوزات حدّها حين تعرضت امرأة مسلمة لمضايقات في محل صاغة في سوق بني قنيقاع ثم غافلها أحدهم فربط أسفل ثوبها برأسها وعندما وقفت انكشف جسمها فصرخت، فجاء أحد المسلمين وقتل اليهوديَّ الذي فعل ذلك، فاجتمع يهود بني قينقاع على المسلم وقتلوه، وعلى الفور جمع رسول الله الصحابة وجهّز جيشًا، وانتقل سريعًا إلى حصون بني قينقاع، وحاصرهم حتى يخضعوا لأمره. استمر الحصار لمدة 15 ليلة وكان بنو قنيقاع يومئذ 700 مقاتل وكانت النية بقتلهم، ولكن عندما استسلم بنو قينقاع، توسَّل زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الى رسول الله ﷺ بان يُبقي على بني قنيقاع احياءً ذاكرًا بأنهم سنده وحلفاؤه. كانت علاقة عبد الله بن أبي بن سلول باليهود أوثق من علاقته بالرسول ﷺ ومع ذلك كان ﷺ يعذره لأنه كان ما زال حديث الإسلام ولم تكن حقيقته ظاهرة، وكان النبي يؤمِّل كثيرًا فيه وخاصةً أن خَلفه مجموعة كبيرة من الناس، فعامله بالحسنى في ذلك الموقف، وقَبِل منه أن يفتدي بني قنيقاع شريطة أن يتركوا المدينة المنورة بكاملهم. قَبِلَ اليهود بذلك، وخرجوا من المدينة المنورة وكانت املاكهم واسلحتهم التي تركوها غنيمة للمسلمين. خرج بنو قنيقاع إلى منطقة تسمى (أذرعات) بالشام (اليوم درعا في سوريا)، ويقال إنهم قد هلكوا هناك بعد فترة وجيزة