غزوة الخندق (الأحزاب) وخيانة بني قريظة للمسلمين
بقلم: محمد سليم مصاروه
حدثت في شوال 5 هـ (مارس 627م) بين المسلمين بقيادة الرسول ﷺ وبين والأحزاب وهم عباره عن تحالف جيوش مُكَوَّن من قريش ومجموعة من القبائل العربية المشركة. خرج جيش والأحزاب لغزو المدينة المنورة بهدف القضاء على المسلمين والدولة الإسلامية. وذلك بعد تحريض زعماء يهود بني النضير لقريش وحلفائها من القبائل المشركة. قام بنو النضير بذلك الفعل بدافع الانتقام والحقد على ﷺ والمسلمين لأنهم طردوا بني النضير الى خيبر بعد نقضهم العهد مع المسلمين ومحاولتهم قتل الرسولِ ﷺ
تألف جيش الاحزاب من الكفار من 10 الاف مقاتل بينما كان تعداد المسلمين في المدينة 3 الاف مقاتل.
تشاور ﷺ مع الصحابة حين وصول خبر خروج الاحزاب نحو المدينة، فاقترح سلمان الفارسي حفر خندق شمالَ المدينة المنورة حيث المنطقة مكشوفة جُغرافيًا. حفر ﷺ والمسلمون الخندق خلال ايام بسرعة كبيرة وبأدوات بسيطة بالرغم من الجو البارد والمجاعة التي أصابت المدينة في ذلك الوقت. وتقدّر مقاييس الخندق بطول 5544 مترًا، عرض 4.62 أمتار وعمق 3.23 مترًا.
تفاجأ جيش الأحزابُ بوجود الخندق فضرب حصارًا على المدينة المنورة دام نحو ثلاثة أسابيع، تعرِّض خلالها المسلمون للأذى، المشقة، الجوع والضغط النفسي الشديد. وزيادة على ذلك قامت القبيلة اليهودية (بنو قريظة) بخرق المعاهدة اللي كانت بينهم وبين المسلمين، فاقمت خيانة بني قريظة من معاناة المسلمين وتوترهم، لأنَّ بني قريظة كانوا خلف المسلمين من ناحية جنوب شرق المدينة وتامرهم مع جيش الاحزاب كان يعني استنزاف قوات المسلمين واتاحة الفرصة امام جيش الاحزاب لمحاولة التسلل والإطباق على المسلمين والفتك بهم.
أرسل ﷺ بعض الصحابة الى بني قريظة ليذّكروهم بالاتفاقية ويحذّروهم من خرقها، ولكن بني قريظة اظهروا العداوة وشتموهم وذكروا ﷺ بالسوء.
كان المسلمون مستنفرين بين تراشق بالسهام مع جيش الاحزاب عبر الخندق وبين حراسة ظهر المدينة تحسبًا من بني قريظة. انتهت غزوة الخندق بانسحاب الأحزاب خائبين بسبب تعرضهم لعاصفة شديدة من الرياح الباردة ووقوع اليأس والخلاف بينهم. فشلت خيانة بني قريظة بعد فقدان الثقة بينهم وبين جيش الاحزاب بسبب اعتناق أحد المشركين من الاحزاب الاسلام سرًا وقيامه بالإيقاع بين بني قريظة ورؤساء جيش الاحزاب.
حالما انتهت المعركة، أمر ﷺ أصحابَه بالتوجه إلى بني قريظة، فحاصروهم 25 ليلة حتى استسلموا، وكَّل ﷺ الحُكم فيهم الى سعد بن معاذ، فحكم بقتل المقاتلين البالغين دون الاولاد (حوالي 700-600 مقاتل) وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدًا بين المسلمين. بَيَّنت غزوة الخندق النوايا الحقيقة تجاه المسلمين للقبائل المحيطة بالمدينة والبعيدة عنها، وكانت عبارة عن امتحان شديد للمسلمين الامر الذي زاد في النهاية من ثقتهم بنفسهم وبدينهم، وعزز مكانتهم في شبه الجزيرة العربية