"الجهل بوظيفة اشياء مُعَيَّنة لا يُعتبَر دليلًا على تطور مزعوم "
يَدَّعي التطوريون ان هناك اعضاء ضامرة Vastigial Organs، ويزعمون أنَّ تلك الأعضاء ما هي إلا نتاجُ تغير وظيفي Repurposed trait، وهنا نطلب منهم أمام الجميع، أن يقدِّموا لنا دليلاً علميا مخبريّاً واحداً، على هذا التَّغير الوظيفي، فإذا لم يوجد ولن يوجد لا في تجربة لينسكي ولا عصافير داروين ولا غيرها، فكفُّوا عن دسِّ المصطلحات الميتافيزيقية لمتابعيكم، وخلخلة عقولهم بأيديولجيا مبنية على طروح عقلية لا تدليل عليها !
ويمكن صياغة الاعتراض على طرحهم المتقهقر كالآتي:
أولاً: عدم العلم ليس علماً بالعدم.
فعدم معرفتنا لعمل تلك الصِّفات (الضَّامرة) ليس دليلاً على عدم عملها، إذ انعدام الدَّليل المعين لا يستلزم انعدام المدلول المُعيَّن ما لم يكن مُلازما له، فقبل مُدَّة وبعد منتصف القرن التاسع بعد العشرة، لم نكن نعرف عمل الغدد الصَّماء، فقمنا بتصنيفها على أنها أعضاء ضامرة لا عمل لها، وهذا كان قبل اكتشافنا للهرمونات، فهل الغدد بلا عمل فعلاً لأنها كذلك، أم لأننا لم نكن قد اكتشفنا عملها بعد؟
ثانياً: من العيبِ كيف أن أشخاصا يصفون أنفسهم بالباحثين مازالوا يعتقدون أنَّ كثيراً من تلك الأعضاء ضامِرٌ فعلاً، فمثلاً يربطون بين وجود الشَّعر عندنا وعند بعض الحيوانات كالقرود، أنه باقٍ من بقايا التَّطور، ويقفزون على هذا الحكم رغم أنَّ الشَّعر وظيفي في الإنسان، إذ يعمل عمل المستشعر باعترافهم (لازال الشعر الدقيق على أجسادنا ينتصب كما ينتصب شعر القِطَّةِ عند الخوف)، ويحمي البشرة من بعض الأشعة الضَّارة، ويعمل كحسَّاسٍ عندما تلامسه الكائنات الصغيرة كالبعوض والذباب، ونفس الأمر نقوله بخصوص أجنحة الطُّيور والحوض الذي قالوا أنه يدعم المشي وآثار الأقدام في الحيتان، وقد نقلب الحجَّة عليهم فنقول: إذا كانت هذه الأعضاء دون فائدة كما تزعمون، فلماذا يبقي عليها الانتخاب الطبيعي؟
والسَّبَبُ حسب زعمهم في ظهور هذه الأقدام، أنه وفي زمن سحيق قرَّرت البرمائيات أن تتطوَّر من أسماك إلى زواحف فثديَّات نمت لها أقدام، وفي يوم من الأيام قررت هذه الثديات العودة إلى البحر والتخلِّي عن أقدامها مجدَّداً، وهو سبب ضمور تلك الأقدام، لا شكَّ أننا سمعنا مثل هذه الأمور في قصص ما قبل نوم الأطفال كثيراً، ولكن “باحثين” يرفضون الخرافات يعتقدون أن هذا ما حصل فعلاً، إذ هوَ السَّبب الذي يجعل ما يعتقدون أنه (أقدام) في الحيتان كذلك، وهو غير ذلك، فتلك الأعضاء في الحيتان ليست أثرية كما يزعمون، بل إنَّها تؤدي وظيفة فعَّالة، أثناء تزاوج الحيتان، كما أنَّ بناء هذا السِّيناريو الهوليودي، قائمٌ على تخمين حدسي لا دليلٍ علمي، إذ لا علاقة بين شبه تلك الأعضاء في الحيتان للأقدام بما ارتسموه حولها من رواية داروينية، فالشَّبه ليس دليلاً علميا لا على التَّطور ولا على السِّلف المشترك، وقد ضربنا لهذا أمثلة موثقة في الرَّدِّ الأول، فوجود أعضاءٍ في الإنسان شبيهة بأعضاء أخرى، كاليَد مثلاً عنده وعند الكوالا، ليس دليلاً إطلاقاً إلا على الشَّبه وانتهى، دون مدلولٍ علمي ثابت ومُلازِمٍ لهذا الشَّبه، فهل التَّشابه بين الملح والسُّكر دليل على وحدة سلفهما؟ أو انحدار أحدهما من الآخر؟ .. كلاَّ.
هذا المقال موجه لعقول شباب الأمة، والتي تسعى بعضُ الصَّفحات المدفوعة لأدلجة فكرهم باسم العلوم والكشوف المخبرية، وذلك بإطعامهم السُّم في الرَّحيق، وكلُّ متابع لصفحاتهم على بصيرةٍ بالكمِّ الهائل الذي تنشره تلك الصَّفحات من ترويجٍ للشذوذ الجنسي والإباحية والخُلع، والانحلال والثقافة الذَّاعرة والسُّكر والعهر والتطوُّر عبر التَّطفر، والنظريَّات الإلحادية-اللائكية-المادِّية العمياء باسم العلْموة، ولكنَّ الشمس لا تحجب بالغربال، وضوء النَّهار لا ينطمِسُ بكتابة كلمة “ظلامٍ” على الجِدار.