أبرز الغزوات، السرايا والاحداث بين غزوة الاحزاب وصلح الحديبية
بقلم : محمد سليم مصاروه
عقب حادثتي غزوة الاحزاب وبني قريظة، عمل ﷺ على عقاب كل من غَدَر وتآمر وحشد الحشود ضد المسلمين في غزوة الاحزاب وكذلك في حوادث سبقت غزوة الاحزاب.
اضافة الى العقاب والردع كان الهدف فرض هيبة المسلمين وانهاء اي امكانية لاستهداف وغزو المدينة المنورة كما حدث في غزوة الخندق.
لذلك بأيام قليلة بعد انقضاء غزوة الاحزاب (ذي القعدة 5 هجرية 627 م)، وبعيد التخلص من مقاتلي بني قريظة المتآمرين،بدأ ﷺ بالعمل على عقاب الذين خططوا لتحريك الجموع لغزو المدينة، فبعث ﷺ (في ذي الحجة 5 ھ) بسرية لاغتيال سلام بن أبي الحُقيق في خيبر (150كلم شمال المدينة)، الذي كان متورطًا في تحزيب الأحزاب ضد المسلمين، وأعانهم بالمؤن والأموال الكثيرة
بانتهاء هذه السرية، حلّت السنة الهجرية السادسة (627-628 م). استمر ﷺ ببعث السرايا بشكل مكثف ومتتابع بمعدل سرية كل عشرين يومًا تقريبًا (السرية هي كل حملة عسكرية لم يشترك بها ﷺ) واليكم ذكِر أبرز الحملات حتى صلح الحديبية حسب التسلسل الزمني:
سرية محمد بن مسلمة الى (القرطاء) مُحرّم 6 هـ، تبعد منطقة القرطاء أكثر من 300 كلم، وكانت موجهة إلى بطن بني بكر بن كلاب والتي اشتركت في حصار المدينة في غزوة الأحزاب
غزوة بني لحيان
وقعت في ربيع الأول لسنة 6 هـ 627م، بعد ستة أشهر من غزوة بني قريظة، خرج ﷺ الى بني لحيان على الرغم من المسافة الضخمة نحو 400 كيلومترا، والهدف كان معاقبة بني لحيان على غدرهم وقتلهم 6-10 من الصحابة عند ماء الرجيع قبل عامين بُعيد غزوة أُحُد. وكانت بنو لحيان ادَّعت رغبتها باعتناق الاسلام وطلبت من ﷺ ارسال دعاة إليهم ثم غَدرت بهم. خرجﷺ مع 200 مقاتل بالرغم من قوة بني لحيان العسكرية الا انهم ذُعروا وفرَّوا الى رؤوس الى الجبال ولم تحدث مواجهة
في ربيع الأول أو ربيع الثاني 6 هـ سرية بقيادة عكاشة بن محصن رضي الله عنه إلى فرع من فروع بني أسد، وبنو أسد من القبائل التي اشتركت في حصار الأحزاب.
سرية بقيادة محمد بن مسلمة في ربيع الثاني 6 هجرية إلى ذي القصة لقتال بني ثعلبة المتورطين بالمؤامرة، على بعد حوالي 55 كيلو متر شمال المدينة،
في نفس الشهر (ربيع الثاني) خرجت سرية أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى نفس المكان ولنفس الهدف لقتال بني ثعلبة.
كذلك في نفس الشهر خرجت سرية أخرى بقيادة زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى منطقة (الجموم)على بعد حوالي 100 كيلومتر من المدينة المنورة، لقتال بني سليم الذين كانوا من جيش الاحزاب.
وبعد عودة هذه السرية بأيام في شهر جمادى الأولى خرجت سرية أخرى بقيادة زيد بن حارثة إلى منطقة تعرف بالعيص،شمال غرب المدينة المنورة على بعد 250 كيلومترا وكانت بغرض اعتراض قافلة من قوافل قريش، فأمسك زيد بن حارثة بالقافلة بكاملها، وكانت ضربة كبيرة جداً لقريش.
وفي الشهر الذي يليه جمادى الآخرة، خرج زيد بن حارثة الى بني ثعلبة بعد شهر من خروج ابي عبيدة بن الجراح الى نفس المكان
غزوَةُ بَنِي المُصْطَلِق (أو غزوة المُرَيسِيع) حدثت في شعبان سنة 6 هـ (627-628 م)
سمع ﷺ باستعداد قبيلة بني المصطلق للإغارة على المدينة، وكانوا قد شاركوا قريش في حربها على المسلمين في غزوة أُحُد،فبعث النبي ﷺ من يستطلع النبأ، فرجع المبعوث وأكدَّ صحة الخبر. جهز ﷺ جيشًا من 700 مقاتل وسار الى بني المصطلق. باغت جيش المسلمين بني المصطلق في منطقة تعرف بماء المريسيع، فقتلوا المقاتلين وسبوا البقية
الدور الهدّام للمنافقين وحادثة الافك
بعد انتهاء الغزوة، برز الدور الهدّام للمنافقين، ومحاولتهم تمزيق وحدة الصف المسلم. فقد استغّل كبير المنافقين (عبد الله بن أبي ابن سلول) حادثة خصام بين صحابّي وانصارّي، للتحريض على المهاجرين والدعوة الى اخراجهم من المدينة، ولكنَّ محاولته فشلت.
قصة الافك
اثناء استراحة المسلمين في طريق العودة من غزوة بني المصطلق، فقدت زوج الرسول ﷺ عائشة رضي الله عنها عقدًا لها،فذهبت تبحث عنه وسار الجيش دون أن يشعروا بغيابها. كان الصحابي صفوان بن المعطل موكلًا بالتخلف وراء المسلمين وتَفَقُّد الطريق ورائهم، فعثر على عائشة رضي الله عنها فاركبها على جَمَلِه وسار امامها دون كلامٍ بينهما حتى لحقا بالجيش. رأى المنافقون وزعيمهم ذلك المشهد فاستغلوه للطعن في شرف عائشة رضي الله عنها ورموها بالزنا. تسبب ذلك في حدوث لَغط وفتنة داخل المدينة لمدة شهر، الى أن نزلت آيات قرآنية تبرئ ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها من الافتراءات وتتوعدالمُفَترين بالعذاب.
في شعبان:
بعث الرسول ﷺ في نفس الشهر بسريتين هامتين جداً:
الأولى: بقيادة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى ديار بني كلب في دومة الجندل المتاخمة للإمبراطورية الرومانية في الشام (الحدود الشرقية للأردن) وعلى مسافة كبيرة جداً من المدينة المنورة أكثر من 790 كيلومترًا، وكانت بعثة سلمية هدفها الدعوة الى الاسلام ونتج عنها اعتناق بني كلب الاسلام وتَزوج عبر الرحمن بن عوف بابنة زعيمهم
والأخرى: بقيادة علي ابن ابي طالب رضي الله عنه إلى ديار بني سعد بفَدَك (280 كيلومترا شمال غرب المدينة)، الذين كانوا يُعِدّون العدة للتعاون مع يهود خيبر لحرب المسلمين
وفي رمضان سنة (6) هـ
سرية إلى بني فزارة في منطقة وادي القرى، وكان على رأسها أبو بكر الصديق أو زيد بن حارثة رضي الله عنهما، وكانت موجهة لامرأة في تلك المنطقة اسمها أم قرفة، التي كانت تُحرض على قتل المسلمين وقامت بتجهيز فرقة من ثلاثين فارساً لاغتيال الرسول ﷺ. قتلت السرية هؤلاء الفرسان الثلاثين جميعًا وام قرفة معهم
شهر شوال سنة (6٦) هـ،
بعث الرسول عليه الصلاة والسلام فيه ثلاث سرايا خطيرة:
الأولى: سرية العرنين: نسبة إلى جماعة من الرعاة من قبيلتي عكل وعرينة قدموا الى المدينة وتظاهروا بالإسلام امام الرسولﷺ ثم شَكوا له امراضًا يعانون منها، فوجههم الى راعٍ للإبل كي يتداووا، ولكنهم بدل ان يشكروا الراعي قتلوه ومثلّوا بجثته وسرقوا الإبل! فبعث لهم الرسول عليه الصلاة والسلام سرية بقيادة كرز بن جابر الفهري رضي الله عنه فامسك بهم وقتلهم واستردَّ الإبل.
سرية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وكانت مهمتها اغتيال اليسير بن رزام أمير خيبر ومن أكابر اليهود، وكان من الذين أخذوا يجمعون اليهود في خيبر ووادي القرى وفَدَك وقام بجمع غطفان من أجل أن يعيد الأحزاب مرة ثانية
السرية الثالثة والأخيرة في شوال، كانت سِرِّية وُجِّهَت الى مكة بهدف اغتيال ابي سفيان. كان ابو سفيان قد استأجر أعرابيًا لاغتيال ﷺ. عرف الرسول ﷺ بذلك عن طريق الوحي، فكشف امر القاتل المأجور والذي اعترف بالمكيدة وأسلم بعدها، فبعثﷺ عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم الى مكة، ولكن قريش عرفت بوجودهما ولم ينجحا في مهمتهما