من مساهمات علماء المسلمين للإنسانية
ابن البناء المراكشي
أبو أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي المعروف بابن البناء المراكشي (1256-
1321م)، عالم مغربي برز بصفة خاصة في الرياضيات والفلك والطب، وكان متفنن في علوم
جمة، كالتنجيم، والعلوم الخفية. قضى أغلب فترات حياته بمراكش، وهو معاصر للدولة
المرينية. أسس ابن البنا المراكشي مدرسة علمية مهمة في المغرب، أكبّت على مدى قرون
على تدريس مؤلفاته وشرحها وتداولها في مختلف جامعات العالم. وأطلق اسمه مؤخرًا على
فوهة بركانية على سطح القمر.
أكسبه اشتغاله بالرياضيات شهرة عظيمة بين معاصريه، فنال الحظوة في بلاط
دولة بني مرين في فاس فكان يستدعونه لإلقاء دروس الحساب والهندسة والجبر. كما
اشتهر بالاعتماد على الأرقام الهندية المعروفة بالغبارية والأرقام الأندلسية
المعروفة بالعربية، كما اشتهر بالجوانب التطبيقية في علم الحساب والموسيقي.
من إسهامات ابن البناء في الحساب أنه أوضح النظريات الصعبة والقواعد
المستعصية، وقام ببحوث مستفيضة عن الكسور، ووضع قواعد لجمع مربعات الأعداد
ومكعباتها، وقاعدة الخطأين لحل معادلات الدرجة الأولى، والأعمال الحسابية، وأدخل
بعض التعديل على الطريقة المعروفة "بطريقة الخطأ الواحد" ووضع ذلك على
شكل قانون. جاء في دائرة المعارف الإسلامية أن ابن البناء قد تفوق على من سبقه من
علماء الإسلام في الشرق في علوم الرياضيات وخاصة في حساب الكسور.
ترك ابن البناء العديد من المؤلفات بلغ عددها اثنين وثمانين مؤلفا كان
أكثرها في علم الحساب والرياضيات والهندسة والجبر والفلك والتنجيم، ضاع أغلبها ولم يبق إلا القليل منها ويقول كل من "سمث" و"سارطون" عن كتاب
ابن البناء المراكشي (تلخيص أعمال الحساب)
بأنه من أحسن الكتب التي ظهرت في الحساب. وقد ظل الغربيون يعملون به إلى نهاية
القرن السادس عشر للميلاد، وكتب كثير من علماء الإسلام شروحاً له، واقتبس منه
علماء الغرب، كما اهتم به علماء القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد ترجم إلى
الفرنسية عام 1864 م على يد مار Marre، ونشرت
ترجمته في روما. وقد أعاد ترجمته إلى الفرنسية الدكتور محمد سويسي، ثم نشر النص
والترجمة مع تقديم وتحقيق سنة 1969.