رد شبهة إماء
أمازيغيات في قصور خلفاء المشرق
الشبهة
الأولى
يقول بعض
الأمازيغ الحاقدين على الاسلام: قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء باب عبد الملك
بن مروان ما نصه: "كتب هشام بن عبد الملك إلى عامله على افريقية: أما بعد،
فإن أمير المؤمنين رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبد الملك بن مروان رحمه
الله، أراد مثله منك، وعندك من الجواري البربريات المالئات للأعين الآخذات للقلوب،
ما هو معوز لنا بالشام وما ولاه. فتلطف في الإنتقاء، وتوخ أنيق الجمال، عظم
الأكفال، وسعة الصدور، ولين الأجساد، ورقة الأنامل،وسبوطة العصب، وجدالة الأسوق،
وجثول الفروع، ونجالة الأعين، وسهولة الخدود، وصغر الأفواه، وحسن الثغور، وشطاط
الأجسام، واعتدال القوام، ورخامة الكلام". انتهى
والجواب على
هذه الشبهة أن يقال: هذه عينة من الضغائن الأمازيغية تجاه الفاتحين العرب وكذبهم
عليهم. ثم إن جلال الدين السيوطي إن صح عنه الخبر فهو لم يشترط في تاريخه نقل
الصحيح من الأخبار بسندها المتصل فلا يمكن الوثوق بصحة هذا الخبر، خاصة وان بين
السيوطي وبين الفتح الاسلامي في شمال افريقية مفاوز زمنية. فليس لهذه القصة سند
معتمد يوثق به ولا شاهد يقويها فبطل الأخذ بها جملة وتفصيلا وهذا هو المنهج الأكاديمي
الذي يجب توخيه لتقصي الوقائع التاريخية.
ثم إن هذه
الفقرة بعينها لا توجد في كتاب تاريخ خلفاء الاسلام للسيوطي، بل توجد في كتاب
"الدولة الأغلبية التاريخ السياسي 184-296 هجري" للمدعو محمد الطالبي
التونسي تحت فصل " ولاية لتصدير الجواري" صحيفة 39 وهو أحد الأقلام
المأجورة التي عملت على تحريف التاريخ الإسلامي.
وقد ذكر
الطالبي أنه نقل الخبر عن أبي الفرج الاصفهاني من كتاب النساء ضمن كتاب الأغاني.
والاصفهاني رجل مطعون في روايته.
قال الخطيب
البغدادي رواية عن ابن النونبختي ما نصه: "الأصفهاني أكذب الناس، كان يشتري
شيئا كثيرا من الصحف ثم تكون كل روايته منها". انتهى
وقال ابن
الجوزي: "ومثله لا يوثق بروايته، يصح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون شرب
الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر"
وقال الأستاذ
شوقي أبو خليل منتقدا فيليب حتَّى في كتابه تاريخ العرب المطوّل ما نصه: واعتمد
"حتى" كتاب الأغاني للأصفهاني، وهو ليس كتاب تاريخ يعتمد أيضاً، إنّه
كتاب أدب، وهذا لا يعني مطلقاً أن كل كتاب أدب لا يؤخذ به، بل يعتمد إن كان صاحبه ثقة،
معروفاً عنه الأمانة في النقل والرِّواية. إن كتاب الأغاني الذي جعله حتَّى مرجعاً
تاريخياً معتمداً، صاحبه متَّهم في أمانته الأدبيَّة والتاريخية، جاء في ميزان
الاعتدال في نقد الرّجال: أن الأصفهاني في كتابه الأغاني كان يأتي بالأعاجيب
بحدثنا وأخبرنا. ومن يقرأ الأغاني يرى حياة العباسيين لهواً، ومجوناً، وغناء، وشراباً..
وهذا يناسب المؤلِّف وخياله وحياته، ومن يرجع إلى كتب التاريخ الصحيحة يجد صورة
أخرى فيها علم وجهاد وأدب، فكتاب الأغاني ليس كتاب تاريخ يحتج به.
وقام الشاعر
العراقي وليد الأعظمي بتأليف كتابه الذي سماه "السيف اليماني في نحر
الأصفهاني صاحب الأغاني"، فقد شمر عن ساعد الجد، ليميز الهزل من الجد، والسم
من الشهد، ويكشف ما احتواه الكتاب من الأكاذيب والحقد، وأخذ يرد على ترهات
الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسئ إلى آل البيت النبوي
الشريف، وتجرح سيرتهم، وتشوه سلوكهم.
وقد امتلأ
كتاب "الأغاني" بالكفر والسخرية من الوحي واليوم الآخر والصلاة
والافتراءات على آل البيت ويسمهم بالغفلة والجبن، ويتهمهم بسماع الأغاني وقضاء
أوقاتهم في اللعب واللهو.
أما سخريته
من الصلاة فقد نسج قصة من خياله المريض أن يحيى بن زياد ومطيع بن إياس اجتمعوا
يوما فشربوا وسكروا ثم قاموا فتذكروا أنهم ما صلوا منذ أيام. قال: " فقام مطيع،
فأذن وأقام، ثم قالوا: من يتقدم؟، فتدافعوا لذلك، فقال مطيع للمغنية: تقدمي فصلي
بنا. فتقدمت تصلي بهم عليها رقيقة مطيبة بلا سراويل.... إلى آخر ما في القصة من
فسق وفجور.
وعلى هذه
القصة المكذوبة اعتمد المستشرق جورج مارسي George
Marcy
في كتابه الأمازيغية الاسلامية وبالغ في الافتراء وقال: " عدد العبيد الذين
أرسلوا في عهد عقبة بن نافع الفهري المكنى بفاتح إفريقيا إلى دار الخلافة بدمشق
بلغ ثمانين ألف وخمسة وثلاثين ألفا في عهد ولاية حسان بن النعمان، و مائة ألف، في
عهد موسى بن نصير، أما النساء البربريات فكن مشهورات في قصور الخلفاء والأمراء،
فكانت إحداهن تباع بما لا يقل عن ألف قطعة ذهبية". انتهى
الشبهة
الثانية
قال ابن أبي
شيبة في مصنفه: "حدثنا أبو سفيان الحميري حدثنا خالد بن محمد القرشي قال: قال
عبد الملك بن مروان من أراد أن يتخذ جارية للتلذذ فليتخذها بربرية ومن أراد أن
يتخذها للولد فليتخذها فارسية ومن أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية ".
انتهى
ذكره
البلاذري في كتاب فتوح البلدان، باب فتح برقة وزويلة، والسيوطي في تاريخ الخلفاء
للسيوطي، باب عبد الملك بن مروان.
وهذا الأثر
باطل مكذوب لأن فيه خالد بن عمرو بن محمد القرشي ثم الأموي.
قال عنه أبو
بكر البيهقي: ضعيف منكر الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث ضعيف. وقال
أبو دواد السجستاني: ليس بشيء. وقال أحمد بن حنبل: منكر الحديث، ومرة: ليس بثقة،
يروي بواطيل، ومرة: أحاديثه موضوعة. وقال أحمد بن شعيب النسائي: ليس بثقة. وقال
صالح بن محمد جزرة: كان يضع الحديث. وقال محمد بن إسماعيل البخاري: منكر الحديث.
الشبهة
الثالثة
وروى
البلاذري في فتوح البلدان ما نصه: "حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا
عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص كتب في
شرطه على أهل لواتة من البربر من أهل برقة: إن عليكم أن تبيعوا أبناءكم ونساءكم
فيما عليكم من الجزية". انتهى
ذكره أيضا
أبو عبيد في الأموال.
وهذا الأثر
فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد وهو مختلف في توثيقه
قال ابن حبان:
كان أبو صالح كاتبا على مغل الليث، منكر الحديث جدا، وكان في نفسه صدوقا، سمعت ابن
خزيمة يقول: كان له جار يعاديه، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب
في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله ، ويطرحه في داره بين الكتب ، فيجده عبد الله ،
فيحدث به على التوهم أنه خطه .
وقال الذهبي
في السير: ساق له ابن حبان وابن عدي جماعة أحاديث تفرد بها منكرة.
وقال عبد
الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: فسد بأخرة، وليس بشيء.
وقال صالح جزرة:
كان يحيى بن معين يوثقه، وعندي أنه كان يكذب في الحديث.
وقال النسائي:
ليس بثقة.
وقال علي بن المديني:
ضربت على حديث كاتب الليث، ولا أروي عنه شيئا.
وقال ابن أبي
حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: حديث " إن الله اختار أصحابي " موضوع،
والحمل فيه على أبي صالح.