بقلم: محمد سليم مصاروه
ذُكِرَ اسم (هامان) في القرآن الكريم في ستة مواضع، نفهم منها أنَّ هامان كان أحد اركان حُكم فرعون وصاحب سلطة ونفوذ وانه كان من أشرس المكذبين برسالة موسى عليه السلام والمعتدين على بني اسرائيل:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) (سورة غافر)
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) (سورة القصص)
فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (القصص:8)
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (العنكبوت: 39)
بالإضافة الى ذلك، تخبرنا الايتان التاليتين ان من بين صلاحيات( هامان) كانت الإشراف على اعمال البناء
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) سورة القصص
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) (سورة غافر)
وتحتوي هاتان الآيتان على اعجاز تاريخي مُذهل، لأنه ما من مؤرّخ أو كتاب أو نص غير القرآن الكريم أشار إلى شخص اسمه هامان وقرن اسمه مع فرعون ونسب اليه صلاحية تتعلق بأعمال البناء! ووقت نزول آيات القرآن الكريم لم يعد أحد يتحدث اللغة الهيروغليفية المصرية أو يعرف قراءتها فقد اندثرت وآخر نص كُتِبَ بهذه اللغة كان في عام 394ميلادي، واستمر هذا الوضع حتى عام 1822 عندمًا أعلن تشامبليون الفرنسي عن فكه للشفرة الأبجدية الهيروغليفية.
( في الحقيقة اول من فكَّ رموز الهيروغليفية كان العالم المسلم الكوفي" ابن وحشه النبطي" من القرن التاسع والعاشر الميلادي ، وقد كشف عن رموز اللغة الهيروغليفية في كتابة "
"شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام" وقد نشرت ترجمة إنجليزية لمخطوطة شوق المستهام في لندن عام 1806 أي 16 عاما قبل اعلان شامبوليون الفرنسي عن فكه للأحرف الهيروغليفية ولذلك يعتقد البعض أن شامبوليون كان قد اطلع على هذه المخطوطة)
خطر ببال الطبيب الفرنسي " موريس بوكاي"، وهو من أوائل من أشاروا الى التقاء العلم الحديث مع القرآن الكريم، أنْ يبحث إذا ما كان اسم (هامان) قد ورد في النقوش الفرعونية والتي تمكنت البشرية من قراءتها وفهمها في القرن التاسع عشر الميلادي، سأل " بوكاي " أحد الباحثين الفرنسيين في تاريخ مصر القديمة عما إذا كان اسم (هامان) قد ذُكِرَ في النقوش المصرية، فأشار عليه الباحث بالاستعانة بكتاب ألماني اسمه (قاموس الاسماء الشخصية في مملكة مصر الجديدة) للمؤلف هرمان رانكيه
Hermann Ranke, Die Ägyptischen Personennamen,
وفعلًا وجد " بوكاي في صفحه 240 " النَقش الهيروغليفي لاسم (هامان) مع لفظ الاسم hmn-h، مع ذكر المصدر الذي يمكن فيه فحص معنى الاسم وهو صفحة 130 من كتاب الباحث Wreszinski
( انظر صورة 1)،
واليكم رابط الكتاب
http://www.gizapyramids.org/pdf_library/ranke_personennamen_1.pdf
تابع " بوكاي " بحثه وفحص صفحة 130 من كتاب Wreszinski المكتوب بالألمانية " النقوش المصرية الموجودة بمتحف (هوف) في ڤينا "
Aegyptische Inschriften aus dem K.K. Hofmuseum in Wien
وجد فيها في بند I-34 شرح وتعليق حول اسم (هامان) (انظر صورة 2)
اليكم رابط الكتاب
https://archive.org/details/AegyptischeInschriftenAusDemKKHofm/page/n101/mode/2up/search/stone
واليكم نصَّ الكتابة بالألمانية مع الترجمة العربية
Pfeiler einer Grabthür No 91 (Publ. Reines Mmiramare ab. 39
Pfeiler à) عمود
Grabthür à أبواب المقابر
Publ. à شائع
Reines à صافي
Miramare à: مرمر / رخام
Zeit : NR:وقت
Zeit à )وقت
Name und Titel: الاسم واللقب
Anmerkung: Vorstehender Steinbruch arbeiter; Vgl.
Sethe lnk. I92, I113 a. R.
: Anmerkung ملاحظة
Vorstehender à المسؤول/المُشرِف
Steinbruch à محاجر / كسَّارات
Arbeiter à عامل
تحتوي الفقرة على معلومات عن مصدر النقش وهي قطعة رخام عُثِرَ عليها ضمن إطار مدخل احدى المقابر، ولكن المدهش في الأمر أنَّ هامان موصوف في النقوش المصرية ب (المشرف على عُمّال المحاجر)! وهي حقيقة تطابق سياق الآية من سورة القصص وسورة غافر!
أخبر " بوكاي " الباحث الفرنسي وأخبره بان لديه مصدرًا بالعربية من القرن السابع الميلادي (ولم يخبره انه يقصد القرآن الكريم) فيه ذِكر لهامان وعلاقته بالبناء، فكان جواب الخبير انه من المستحيل ان يعرف احدًا تلك الحقيقة في ذلك الزمن.
ملاحظة :ذُكِرَ اسم هامان في العهد القديم في سِفْر الملكة إستير ، وورد اسمه ككبير وزراء المُلْك الفارسي "أحشويروش" وأنَّ هامان حَرَّض الملك على إبادة اليهود في أنحاء الإمبراطورية الفارسية, ولكن مؤامرة هامان أُحبطَت وانتهى الامر بهامان بأن يتم إعدامه بأمر من "أحشويروش "،على الرغم من الاختلاف الجوهري بين رواية العهد القديم وبين القران الكريم، نجد من بين المفترين واعداء الاسلام من يزعم أن قصة (هامان) في القران منقولة عن العهد القديم مع تغييرات في التفاصيل، وطبعًا الدلائل على سماوية القران اكثر من كثيرة ولكن يكفينا إبراز الاعجاز التاريخي اعلاه لنسف تخبيصات المغرضين.