(متى دوّنت السنة النبوية؟)
بقلم: أسامة شحادة
هذه المرحلة التي تشهد حربا فكرية منظمة للطعن في أصول الدين وهدم ركائز الإسلام من تحالف واسع لأعداء الإسلام من الداخل والخارج يضم أحفاد المستشرقين من المؤسسات الغربية والشرقية والمنظرين الذين أصبحوا -فجأة- متخصصين في نقد الشريعة الإسلامية وتفسير القرآن الكريم! ومن بعض الشخصيات المنحرفة لدوافع متعددة.
لكن كل هذه المروحة الواسعة من أصحاب الأفكار والمبادئ المتعارضة والمتناقضة والمتصارعة تتفق اليوم على الطعن بالقرآن الكريم والسنة النبوية وتسعى لهدم مرجعية الوحي الرباني المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية لتهدم الإسلام جملة كاملة، ولما لم تنجح هذه المحاولة تحولوا لمحاولة تحريف معاني القرآن الكريم، وقد تعرضتُ لفضح ذلك في مقال سابق، وقام آخرون بمحاولة التشكيك بصحة وموثوقية السنة النبوية التي بين أيدينا اليوم وهو ما سنناقشه في هذا المقال.
فلا يكاد يمر أسبوع إلا وتصلني عبر الواتساب رسالة مكررة تزعم تأخر تدوين السنة النبوية مما جعل السنة تضيع وأن الإمام البخاري قام بعد 200 سنة من عهد النبوة باختراع الأحاديث والسنة! وألّف من خياله كتابه المشهور صحيح البخاري، أما السنة النبوية الحقيقية فقد ضاعت في تلك السنين الطويلة!! ثم يزيدون في التشكيك والطعن بالسنة النبوية وعلى صحيح البخاري بأنه يستحيل قيامه بجمع صحيحه في 16 سنة من بين 600 ألف حديث!
ومما يساعد في تداول هذه الرسالة وأمثالها الأمية في الثقافة الشرعية لدى الشباب الجامعي خاصة ما يستوجب إعادة النظر في مواد الثقافة الإسلامية الاختيارية في التعليم الجامعي بحيث تصبح إلزامية حتى نجنب مجتمعاتنا التطرف والغلو ونجنبها موجات الإلحاد والتشكيك بالدين.
وهذه المواد تحتاج إلى مزيد من التوسع في الكمية بحيث تصبح ثقافة إسلامية 1 و2 مثلاً، حتى يمكن أن تستوعب بشكل كاف ما يُكسب هؤلاء الطلبة الحصانة الفكرية الإسلامية من شبهات المتطرفين الغلاة كالدواعش بتفكيك فكرهم المنحرف والمتطرف ويفضح تاريخهم الدموي والكارثي بقتل الأبرياء وسلب الأموال والاعتداء على الأعراض فضلاً عن اختراقهم المخابراتي واستغفالهم المتكرر لصالح أجندات مغرضة هنا أو هناك، وبالمقابل أيضا تتضمن ما يلزم من معلومات ومفاهيم وأسس تحصّن هؤلاء الشباب من شبهات الملاحدة والماديين وأذناب المستشرقين وغلاة العلمانية التي تهاجم أصول الدين وتطعن في الصحابة ورواة السنة وتشكك في كل الثوابت الإسلامية وتحاول فرض تأويلات باطنية وحداثية على الإسلام.
فما صحة هذه الرسالة المتداولة التي يحتجّ بها كثير من الشباب المثقف والمتعلم ومن حملة الشهادات الجامعية من جهة والأميين من جهة أخرى في ما يخص الثقافة الدينية والشرعية حيث تعتمد على جهل غالب الجمهور بتاريخ تدوين السنة النبوية، وجهل الجمهور بحقيقة جهد البخاري ومشروعه في حماية ونصرة ونشر السنة النبوية، وعلى الجهل بهذين الأمرين بُنيت كذبتها الصلعاء: السنة النبوية بقيت مجهولة وفي فراغ حتى قام البخاري المولود سنة 194هـ، أي بعد أكثر من 200 سنة من عهد النبوة بجمع السنة النبوية! وهل يمكن للبخارى أن يجمع صحيحه من 600 ألف حديث في 16 سنة؟
وحتى نفنّد هذه الكذبة الصلعاء نبدأ بفحص مدى صحة هذه الفرضية: هل كانت السنة النبوية مجهولة وفي فراغ لم تعرف ولم تتداول ولم تدون حتى جاء البخاري وقام بذلك؟
الحقيقة أن هذه فرضية كاذبة لا أساس علميا لها، فمنذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون يعرفون السنة النبوية ويتداولونها ويدوّنونها، فقد أمر الله عز وجل في القرآن الكريم بطاعة السنة النبوية فقال تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” (الحشر: 7)، وقد طبّق ذلك المسلمون منذ اللحظة الأولى فقد أخذوا من السنة النبوية كيفية الوضوء والصلاة وبقية أركان الإسلام وأركان الإيمان وطبقوها ونقلوها لأهلهم ولقبائلهم وبلادهم كما نقلوا القرآن الكريم، وكان الصحابة يعلّمون الناس في البلاد التي يفتحونها القرآن الكريم والسنة النبوية، وفي قصة طاعون عمواس المشهورة حين تحيّر الفاروق، رضي الله عنه، ماذا يصنع، هل يكمل مسيره للشام التي أصابها الطاعون أم يعود؟ فشاور الفاروق المسلمين وعزم على الرحيل امتثالا لمقاصد الشريعة بتجنب الضرر واقتحام المهالك وعاد للمدينة، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف، ولم يكن قد حضر الشورى وأخبر الفاروق والصحابة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بقوله: “إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا سمعتم به -أي الطاعون- في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه” ففرح بذلك عمر الفاروق ببيان السنة النبوية التي تصوّب اجتهاد الفاروق، رضي الله عن الصحابة أجمعين.
واعتماد الصحابة رضوان الله عليهم على السنة وتداولها بينهم حقيقة مسلّمة لا جدال فيها، فلم يوجد في القرون الأولى من يكتفي بالقرآن الكريم عن السنة.
بل كان بعض صغار الصحابة كابن عباس رضي الله عنهم أجمعين يتتبّع كبار الصحابة ويأخذ عنهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لُقب بحبر الأمة لكثرة معرفته بالسنة النبوية، وقد كان من توجيهات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لابن عباس حين توجّه لمناظرة الخوارج كما يروي ابن سعد في الطبقات أن يحاججهم بالسنة لأن الخوارج يتأولون القرآن الكريم على أهوائهم، بينما السنة النبوية تقطع الطريق عليهم وتكشف عن مخالفتهم للإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يزال هذا المنهج من الاحتجاج بالسنة النبوية يكشف الأدعياء والكذبة والفجار ممن يتظاهرون بالعلم والفهم وتصدرهم الشاشات الفاجرة وتلمعهم القوى السياسية في الداخل والخارج ممن يدْعون لعدم تسييس الدين!
وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم تم تدوين قسم من السنة النبوية كرسائله للملوك والرؤساء، وكأمره صلى الله عليه وسلم بالكتابة لأبي شاه، وقد كان عبدالله بن عمرو يكتب كل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكره عليه بعض الناس، ولما علِم النبي صلى الله عليه وسلم أقرّه على ذلك وقال: “اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق”، وكذلك ما ورد عن علي بن أبي طالب من أنه كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في صحيفة عن الديات وفكاك الأسير، وهناك نماذج أخرى، وما ورد من منعه عن كتابة الحديث كان في بداية الإسلام أو حتى لا تكون ظاهرة كبيرة تزاحم كتابة القرآن ويختلطا، أو أن هذا أمر نسخ وهو ما يتوافق مع ثبوت كتابة الحديث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سار التابعون على منوال الصحابة في تدوين الحديث، فلم يكتفوا بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية على عادة العرب في الحفظ والاعتماد على الثقافة الشفوية التي اشتهروا بها بحفظ أشعارهم وأقوالهم، وهي الثقافة السائدة لكثير من الحضارات والأمم السابقة واللاحقة، ومرحلة التابعين تبدأ تقريباً من سنة 11هـ، أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعي هو من لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم ولكن رأى أصحابه، حتى ندرك خرافة الفجوة المزعومة في معرفة الحديث والسنة النبوية وتأخر تدوينها!
فطلَب التابعون من الصحابة تعليمهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه كما كانوا يتعلمون منهم القرآن الكريم، وأصبح لكل صحابي تلاميذ معروفون ولهم خبرة بأحاديث هذا الصحابي وقد أصبحوا لاحقا أئمة التابعين، وكثير من التابعين دوّن السنة النبوية عن الصحابة، وقد قام د. مصطفى الأعظمي بإحصاء من دوّن الحديث والسنة من طبقات التابعين، فمِن تابعي القرن الأول هناك 53 تابعيا دوّن السنة أو دوّنت عنه، وهناك 99 من تابعي القرن الثاني كَتب أو كُتبت عنه السنة والحديث، مما يدل على انتشار تدوين السنة في وقت مبكر جداً، وتأمل قول أحد أئمة التابعين، وهو سعيد بن جبير، المولود سنة 46هـ: “كنتُ أكتب عند ابن عباس في صحيفتي حتى أملأها، ثم أكتب في ظهر نعلي، ثم أكتب في كفي” لتعرف حجم التدوين الذي كان يدوّنه التابعون عن الصحابة كابن عباس الذي توفي سنة 68هـ.
وإذا كان هذا التدوين المبكر للسنة النبوية والأحاديث هو مبادرة من العلماء وطلبة العلم في تلك الحقبة الأولى، فإنه سيصبح سياسة رسمية للدولة مع تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة سنة 99هـ والذي استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر، حيث كتب إلى الإمام أبي بكر بن حزم، وهو أمير المدينة وأعلم أهل زمانه بالقضاء: “انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء”، وكتب بذلك ايضاً للإمام ابن شهاب الزهري، فقد ذكر ابن عبد البر عن ابن شهاب قال: “أمرَنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً”، وقد علق الإمام ابن حجر العسقلاني على أوامر عمر بن عبد العزيز فقال: “وأول من دوّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد”.
وبقي هذا الحال من تدوين السنة قائماً ومستمراً، ولكن مع مجيء مرحلة تابعي التابعين -وهم الذين أخذوا عن التابعين ولم يروا الصحابة- دخل تدوين السنة والحديث مرحلة جديدة من خلال تصنيف التدوين بشكل موضوعي على الأبواب، فظهر عندنا كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس (93 – 179هـ)، وهناك كتاب لابن جريج (توفي 150هـ)، ومغازي ابن اسحاق (توفي 151هـ)، وجامع معمر بن راشد (توفي 153هـ)، وغيرهم كثير، وهذا التدوين للسنة النبوية -فضلا عن المرويات المحفوظة في الصدور والتي هي طبيعة الثقافة في ذلك العصر- كله كان قبل ولادة البخاري الذي يزعمون أنه اخترع السنة والأحاديث وأنه أول من دوّن السنة النبوية، مما يكشف عن ضخامة الكذب والافتراء الذي تُرمى به السنة النبوية ومقدار الجهل المعشعش في عقول من يتداولونها من رواد العالم السبراني!
هذا كله بخصوص جانب هدم افتراء عدم تدوين السنة النبوية قبل البخاري، والآن نعرض لقضية تأليف البخاري كتابه “الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه” والمشهور باسم صحيح البخارى، فالبعض يظن أن صحيح البخاري كان أول كُتبه وأنه لم يكن على دراية بالحديث والسنة وفجأة خطر له تدوين السنة، والبعض يظن أنه أول من دوّن السنة وقد أبطلنا ذلك، فبقي حائراً فلماذا تميز البخاري وغطّى على من سبقه؟
والإجابة عن ذلك باختصار تقوم على أن البخاري (194 – 256هـ) كعادة صبيان عصره أنهى حفظ القرآن الكريم وبدأ بحفظ السنة في سن العاشرة، وقضى في تعلم الحديث وتعليمه بقية عمره وهي حوالي 48 سنة، وقد كان ذكياً موفّقاً، فألّف عدة كتب ضخمة ومهمة في الحديث قبل كتابه الجامع المسند المشهور بصحيح البخاري، وقد كان لهذه الكتب والسنوات الحافلة بالعلم والكتابة دور مساعد في إخراج كتابه الصحيح بهذه القوة والمتانة العلمية التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية عبر مختلف عصورها.
أما عن سبب تأليف هذا الكتاب وخاصيته الفريدة فيخبرنا بها البخاري نفسه فيقول: “كنتُ عند إسحاق بن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذتُ في جمع هذا الكتاب”، فهو اقتراح من شيخه ابن راهويه، وغرضه جمع الأحاديث الصحيحة فقط، وهذه هي نقطة التميز لصحيح البخاري، فهو أول من صنّف كتاباً يجمع الأحاديث الصحيحة فقط.
ولذلك للبخاري نفسه كتب أخرى لم يشترط فيها جمع الأحاديث الصحيحة فقط ككتابه (الأدب المفرد) مثلا، وهنا موطن التلبيس الذي تنشره مثل تلك الرسائل المغرضة حيث تُلبس على الناس أن البخاري أول من دوّن الحديث والسنة وذلك بعد سنة 200هـ، بينما السنة والأحاديث مدونة قبل ذلك بوقت طويل، لكن لم يكن يشترط المدوّنون تدوين الصحيح منها فقط، بل يدونون كل ما يقع لهم من رواية، وبعد ظهور الوضاعين والزنادقة والفرق الضالة كالشيعة والذين تعمدوا الكذب واختلاق الروايات، قام علماء الحديث بوضع قواعد علمية موضوعية لقبول الرواية وقاموا بحصر الرواة وتشخيص صدقهم وضبطهم وحفظهم، ومن هنا جاءت الحاجة لكتاب يقتصر على الأحاديث الصحيحة، وكانت مبادرة البخارى لتأليف صحيحه، وتبعه تلميذه الإمام مسلم فيما بعد.
كان البخارى قد سبق له تأليف كتاب (التاريخ الكبير) الذي استوعب تقريبا كل رواة الحديث لزمنه ومدى صلاحيتهم لرواية الحديث، مما جعله “ينخّل” الروايات التي تجمعت له في مسيرته العلمية والبالغة 600 ألف رواية فانتقى منها في 16 سنة حوالي 7593 بالمكرر اشترط فيها أن يكون الرواة متعاصرين وأن يصرحوا بالسماع من بعض، وهذا الشرط الدقيق وتطبيقه الدقيق من البخاري هو ما حمل العلماء على التسليم للبخاري وتلقيبه بأمير المؤمنين في الحديث.
أما ما يثيره البعض من استعظام رقم 600 ألف رواية فهذا نتاج للجهل أيضاً، فليست هذه الروايات أحاديث مستقلة! بل أغلبها طرق متعددة لنفس الحديث، فالنبي صلى الله عليه وسلم حين كان يتحدث أو يفعل شيئا يرويه عدد من الصحابة عنه فتعدّ رواية كل صحابي حديثا أو رواية عند المحدثين برغم أنها لنفس المعنى، ثم يقوم الصحابي بتعليم عدد من التابعين فتصبح رواية كل واحد منهم عن الصحابي رواية جديدة وهكذا تابعي التابعين، وهذا ما يعرف بالحديث المتواتر، وهو رواية جمع عن جمع، فروايات البخارى 600 ألف غالبها أسانيد متكررة لنفس المعنى، وبهذا تنفجر أغلوطة استعظام قيام البخاري بدراسة هذه الأسانيد، فهي مكررة وهو مختص بمعرفة رجال ذلك الزمان.
ولتلخيص وتقريب تلبيس أعداء الإسلام والسنة النبوية في لعبة تضخيم الأرقام وهو ما سبق أن قاموا به تجاه روايات الصحابي الجليل أبي هريرة، رضي الله عنه، فقد طعنوا في روايته بحجة كثرتها وإسلامه المتأخر سنة 7هـ، فاتهموه بالكذب والتزوير، ولكن لما قام بعض الباحثين بدراسة هذه التلبيسات والأكاذيب تبيّن لهم أن مجموع أحاديث أبي هريرة في كتب السنة هي 8960 حديثا وهو رقم كبير لمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم 3 سنوات فقط!
لكنهم قد فاتهم أن أبا هريرة كان يأخذ السنة عن بقية الصحابة ويرويها أيضاً وأن وفاته تأخرت لسنة 59هـ، لكن الأهم من ذلك أن هذه الروايات حين يُحذف المكرر منها تنخفض بشدة إلى 1475 حديثاً فقط أي بنسبة 80 % تقريباً! ولاحِظ هنا مقدار التهويل والتلاعب الذي يقوم به المغرضون لتشويه السنة النبوية وتشويه رواتها، لكن المفاجأة الكبرى والحقيقية حين نكتشف أن عدد الأحاديث التي انفرد بها أبو هريرة عن بقية الصحابة رضي الله عنهم هي فقط 42 حديثاً، لينكشف لنا مقدار ضخامة الخداع والتضليل الذي يمارس علينا ويسعى لتشكيك المسلمين بأصول دينهم وعقيدتهم.
عموما؛ لن تتوقف الأكاذيب والأباطيل عن الطعن في الإسلام وأصوله وثوابته، ولكن هل نحارب هذه الأمية الدينية التي تصيبنا بالكوارث وتجعلنا نقع في فخ الأعداء دوماً؟
بقلم: أسامة شحادة
هذه المرحلة التي تشهد حربا فكرية منظمة للطعن في أصول الدين وهدم ركائز الإسلام من تحالف واسع لأعداء الإسلام من الداخل والخارج يضم أحفاد المستشرقين من المؤسسات الغربية والشرقية والمنظرين الذين أصبحوا -فجأة- متخصصين في نقد الشريعة الإسلامية وتفسير القرآن الكريم! ومن بعض الشخصيات المنحرفة لدوافع متعددة.
لكن كل هذه المروحة الواسعة من أصحاب الأفكار والمبادئ المتعارضة والمتناقضة والمتصارعة تتفق اليوم على الطعن بالقرآن الكريم والسنة النبوية وتسعى لهدم مرجعية الوحي الرباني المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية لتهدم الإسلام جملة كاملة، ولما لم تنجح هذه المحاولة تحولوا لمحاولة تحريف معاني القرآن الكريم، وقد تعرضتُ لفضح ذلك في مقال سابق، وقام آخرون بمحاولة التشكيك بصحة وموثوقية السنة النبوية التي بين أيدينا اليوم وهو ما سنناقشه في هذا المقال.
فلا يكاد يمر أسبوع إلا وتصلني عبر الواتساب رسالة مكررة تزعم تأخر تدوين السنة النبوية مما جعل السنة تضيع وأن الإمام البخاري قام بعد 200 سنة من عهد النبوة باختراع الأحاديث والسنة! وألّف من خياله كتابه المشهور صحيح البخاري، أما السنة النبوية الحقيقية فقد ضاعت في تلك السنين الطويلة!! ثم يزيدون في التشكيك والطعن بالسنة النبوية وعلى صحيح البخاري بأنه يستحيل قيامه بجمع صحيحه في 16 سنة من بين 600 ألف حديث!
ومما يساعد في تداول هذه الرسالة وأمثالها الأمية في الثقافة الشرعية لدى الشباب الجامعي خاصة ما يستوجب إعادة النظر في مواد الثقافة الإسلامية الاختيارية في التعليم الجامعي بحيث تصبح إلزامية حتى نجنب مجتمعاتنا التطرف والغلو ونجنبها موجات الإلحاد والتشكيك بالدين.
وهذه المواد تحتاج إلى مزيد من التوسع في الكمية بحيث تصبح ثقافة إسلامية 1 و2 مثلاً، حتى يمكن أن تستوعب بشكل كاف ما يُكسب هؤلاء الطلبة الحصانة الفكرية الإسلامية من شبهات المتطرفين الغلاة كالدواعش بتفكيك فكرهم المنحرف والمتطرف ويفضح تاريخهم الدموي والكارثي بقتل الأبرياء وسلب الأموال والاعتداء على الأعراض فضلاً عن اختراقهم المخابراتي واستغفالهم المتكرر لصالح أجندات مغرضة هنا أو هناك، وبالمقابل أيضا تتضمن ما يلزم من معلومات ومفاهيم وأسس تحصّن هؤلاء الشباب من شبهات الملاحدة والماديين وأذناب المستشرقين وغلاة العلمانية التي تهاجم أصول الدين وتطعن في الصحابة ورواة السنة وتشكك في كل الثوابت الإسلامية وتحاول فرض تأويلات باطنية وحداثية على الإسلام.
فما صحة هذه الرسالة المتداولة التي يحتجّ بها كثير من الشباب المثقف والمتعلم ومن حملة الشهادات الجامعية من جهة والأميين من جهة أخرى في ما يخص الثقافة الدينية والشرعية حيث تعتمد على جهل غالب الجمهور بتاريخ تدوين السنة النبوية، وجهل الجمهور بحقيقة جهد البخاري ومشروعه في حماية ونصرة ونشر السنة النبوية، وعلى الجهل بهذين الأمرين بُنيت كذبتها الصلعاء: السنة النبوية بقيت مجهولة وفي فراغ حتى قام البخاري المولود سنة 194هـ، أي بعد أكثر من 200 سنة من عهد النبوة بجمع السنة النبوية! وهل يمكن للبخارى أن يجمع صحيحه من 600 ألف حديث في 16 سنة؟
وحتى نفنّد هذه الكذبة الصلعاء نبدأ بفحص مدى صحة هذه الفرضية: هل كانت السنة النبوية مجهولة وفي فراغ لم تعرف ولم تتداول ولم تدون حتى جاء البخاري وقام بذلك؟
الحقيقة أن هذه فرضية كاذبة لا أساس علميا لها، فمنذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون يعرفون السنة النبوية ويتداولونها ويدوّنونها، فقد أمر الله عز وجل في القرآن الكريم بطاعة السنة النبوية فقال تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” (الحشر: 7)، وقد طبّق ذلك المسلمون منذ اللحظة الأولى فقد أخذوا من السنة النبوية كيفية الوضوء والصلاة وبقية أركان الإسلام وأركان الإيمان وطبقوها ونقلوها لأهلهم ولقبائلهم وبلادهم كما نقلوا القرآن الكريم، وكان الصحابة يعلّمون الناس في البلاد التي يفتحونها القرآن الكريم والسنة النبوية، وفي قصة طاعون عمواس المشهورة حين تحيّر الفاروق، رضي الله عنه، ماذا يصنع، هل يكمل مسيره للشام التي أصابها الطاعون أم يعود؟ فشاور الفاروق المسلمين وعزم على الرحيل امتثالا لمقاصد الشريعة بتجنب الضرر واقتحام المهالك وعاد للمدينة، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف، ولم يكن قد حضر الشورى وأخبر الفاروق والصحابة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بقوله: “إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا سمعتم به -أي الطاعون- في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه” ففرح بذلك عمر الفاروق ببيان السنة النبوية التي تصوّب اجتهاد الفاروق، رضي الله عن الصحابة أجمعين.
واعتماد الصحابة رضوان الله عليهم على السنة وتداولها بينهم حقيقة مسلّمة لا جدال فيها، فلم يوجد في القرون الأولى من يكتفي بالقرآن الكريم عن السنة.
بل كان بعض صغار الصحابة كابن عباس رضي الله عنهم أجمعين يتتبّع كبار الصحابة ويأخذ عنهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لُقب بحبر الأمة لكثرة معرفته بالسنة النبوية، وقد كان من توجيهات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لابن عباس حين توجّه لمناظرة الخوارج كما يروي ابن سعد في الطبقات أن يحاججهم بالسنة لأن الخوارج يتأولون القرآن الكريم على أهوائهم، بينما السنة النبوية تقطع الطريق عليهم وتكشف عن مخالفتهم للإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يزال هذا المنهج من الاحتجاج بالسنة النبوية يكشف الأدعياء والكذبة والفجار ممن يتظاهرون بالعلم والفهم وتصدرهم الشاشات الفاجرة وتلمعهم القوى السياسية في الداخل والخارج ممن يدْعون لعدم تسييس الدين!
وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم تم تدوين قسم من السنة النبوية كرسائله للملوك والرؤساء، وكأمره صلى الله عليه وسلم بالكتابة لأبي شاه، وقد كان عبدالله بن عمرو يكتب كل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكره عليه بعض الناس، ولما علِم النبي صلى الله عليه وسلم أقرّه على ذلك وقال: “اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق”، وكذلك ما ورد عن علي بن أبي طالب من أنه كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في صحيفة عن الديات وفكاك الأسير، وهناك نماذج أخرى، وما ورد من منعه عن كتابة الحديث كان في بداية الإسلام أو حتى لا تكون ظاهرة كبيرة تزاحم كتابة القرآن ويختلطا، أو أن هذا أمر نسخ وهو ما يتوافق مع ثبوت كتابة الحديث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سار التابعون على منوال الصحابة في تدوين الحديث، فلم يكتفوا بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية على عادة العرب في الحفظ والاعتماد على الثقافة الشفوية التي اشتهروا بها بحفظ أشعارهم وأقوالهم، وهي الثقافة السائدة لكثير من الحضارات والأمم السابقة واللاحقة، ومرحلة التابعين تبدأ تقريباً من سنة 11هـ، أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعي هو من لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم ولكن رأى أصحابه، حتى ندرك خرافة الفجوة المزعومة في معرفة الحديث والسنة النبوية وتأخر تدوينها!
فطلَب التابعون من الصحابة تعليمهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه كما كانوا يتعلمون منهم القرآن الكريم، وأصبح لكل صحابي تلاميذ معروفون ولهم خبرة بأحاديث هذا الصحابي وقد أصبحوا لاحقا أئمة التابعين، وكثير من التابعين دوّن السنة النبوية عن الصحابة، وقد قام د. مصطفى الأعظمي بإحصاء من دوّن الحديث والسنة من طبقات التابعين، فمِن تابعي القرن الأول هناك 53 تابعيا دوّن السنة أو دوّنت عنه، وهناك 99 من تابعي القرن الثاني كَتب أو كُتبت عنه السنة والحديث، مما يدل على انتشار تدوين السنة في وقت مبكر جداً، وتأمل قول أحد أئمة التابعين، وهو سعيد بن جبير، المولود سنة 46هـ: “كنتُ أكتب عند ابن عباس في صحيفتي حتى أملأها، ثم أكتب في ظهر نعلي، ثم أكتب في كفي” لتعرف حجم التدوين الذي كان يدوّنه التابعون عن الصحابة كابن عباس الذي توفي سنة 68هـ.
وإذا كان هذا التدوين المبكر للسنة النبوية والأحاديث هو مبادرة من العلماء وطلبة العلم في تلك الحقبة الأولى، فإنه سيصبح سياسة رسمية للدولة مع تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة سنة 99هـ والذي استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر، حيث كتب إلى الإمام أبي بكر بن حزم، وهو أمير المدينة وأعلم أهل زمانه بالقضاء: “انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء”، وكتب بذلك ايضاً للإمام ابن شهاب الزهري، فقد ذكر ابن عبد البر عن ابن شهاب قال: “أمرَنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً”، وقد علق الإمام ابن حجر العسقلاني على أوامر عمر بن عبد العزيز فقال: “وأول من دوّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد”.
وبقي هذا الحال من تدوين السنة قائماً ومستمراً، ولكن مع مجيء مرحلة تابعي التابعين -وهم الذين أخذوا عن التابعين ولم يروا الصحابة- دخل تدوين السنة والحديث مرحلة جديدة من خلال تصنيف التدوين بشكل موضوعي على الأبواب، فظهر عندنا كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس (93 – 179هـ)، وهناك كتاب لابن جريج (توفي 150هـ)، ومغازي ابن اسحاق (توفي 151هـ)، وجامع معمر بن راشد (توفي 153هـ)، وغيرهم كثير، وهذا التدوين للسنة النبوية -فضلا عن المرويات المحفوظة في الصدور والتي هي طبيعة الثقافة في ذلك العصر- كله كان قبل ولادة البخاري الذي يزعمون أنه اخترع السنة والأحاديث وأنه أول من دوّن السنة النبوية، مما يكشف عن ضخامة الكذب والافتراء الذي تُرمى به السنة النبوية ومقدار الجهل المعشعش في عقول من يتداولونها من رواد العالم السبراني!
هذا كله بخصوص جانب هدم افتراء عدم تدوين السنة النبوية قبل البخاري، والآن نعرض لقضية تأليف البخاري كتابه “الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه” والمشهور باسم صحيح البخارى، فالبعض يظن أن صحيح البخاري كان أول كُتبه وأنه لم يكن على دراية بالحديث والسنة وفجأة خطر له تدوين السنة، والبعض يظن أنه أول من دوّن السنة وقد أبطلنا ذلك، فبقي حائراً فلماذا تميز البخاري وغطّى على من سبقه؟
والإجابة عن ذلك باختصار تقوم على أن البخاري (194 – 256هـ) كعادة صبيان عصره أنهى حفظ القرآن الكريم وبدأ بحفظ السنة في سن العاشرة، وقضى في تعلم الحديث وتعليمه بقية عمره وهي حوالي 48 سنة، وقد كان ذكياً موفّقاً، فألّف عدة كتب ضخمة ومهمة في الحديث قبل كتابه الجامع المسند المشهور بصحيح البخاري، وقد كان لهذه الكتب والسنوات الحافلة بالعلم والكتابة دور مساعد في إخراج كتابه الصحيح بهذه القوة والمتانة العلمية التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية عبر مختلف عصورها.
أما عن سبب تأليف هذا الكتاب وخاصيته الفريدة فيخبرنا بها البخاري نفسه فيقول: “كنتُ عند إسحاق بن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذتُ في جمع هذا الكتاب”، فهو اقتراح من شيخه ابن راهويه، وغرضه جمع الأحاديث الصحيحة فقط، وهذه هي نقطة التميز لصحيح البخاري، فهو أول من صنّف كتاباً يجمع الأحاديث الصحيحة فقط.
ولذلك للبخاري نفسه كتب أخرى لم يشترط فيها جمع الأحاديث الصحيحة فقط ككتابه (الأدب المفرد) مثلا، وهنا موطن التلبيس الذي تنشره مثل تلك الرسائل المغرضة حيث تُلبس على الناس أن البخاري أول من دوّن الحديث والسنة وذلك بعد سنة 200هـ، بينما السنة والأحاديث مدونة قبل ذلك بوقت طويل، لكن لم يكن يشترط المدوّنون تدوين الصحيح منها فقط، بل يدونون كل ما يقع لهم من رواية، وبعد ظهور الوضاعين والزنادقة والفرق الضالة كالشيعة والذين تعمدوا الكذب واختلاق الروايات، قام علماء الحديث بوضع قواعد علمية موضوعية لقبول الرواية وقاموا بحصر الرواة وتشخيص صدقهم وضبطهم وحفظهم، ومن هنا جاءت الحاجة لكتاب يقتصر على الأحاديث الصحيحة، وكانت مبادرة البخارى لتأليف صحيحه، وتبعه تلميذه الإمام مسلم فيما بعد.
كان البخارى قد سبق له تأليف كتاب (التاريخ الكبير) الذي استوعب تقريبا كل رواة الحديث لزمنه ومدى صلاحيتهم لرواية الحديث، مما جعله “ينخّل” الروايات التي تجمعت له في مسيرته العلمية والبالغة 600 ألف رواية فانتقى منها في 16 سنة حوالي 7593 بالمكرر اشترط فيها أن يكون الرواة متعاصرين وأن يصرحوا بالسماع من بعض، وهذا الشرط الدقيق وتطبيقه الدقيق من البخاري هو ما حمل العلماء على التسليم للبخاري وتلقيبه بأمير المؤمنين في الحديث.
أما ما يثيره البعض من استعظام رقم 600 ألف رواية فهذا نتاج للجهل أيضاً، فليست هذه الروايات أحاديث مستقلة! بل أغلبها طرق متعددة لنفس الحديث، فالنبي صلى الله عليه وسلم حين كان يتحدث أو يفعل شيئا يرويه عدد من الصحابة عنه فتعدّ رواية كل صحابي حديثا أو رواية عند المحدثين برغم أنها لنفس المعنى، ثم يقوم الصحابي بتعليم عدد من التابعين فتصبح رواية كل واحد منهم عن الصحابي رواية جديدة وهكذا تابعي التابعين، وهذا ما يعرف بالحديث المتواتر، وهو رواية جمع عن جمع، فروايات البخارى 600 ألف غالبها أسانيد متكررة لنفس المعنى، وبهذا تنفجر أغلوطة استعظام قيام البخاري بدراسة هذه الأسانيد، فهي مكررة وهو مختص بمعرفة رجال ذلك الزمان.
ولتلخيص وتقريب تلبيس أعداء الإسلام والسنة النبوية في لعبة تضخيم الأرقام وهو ما سبق أن قاموا به تجاه روايات الصحابي الجليل أبي هريرة، رضي الله عنه، فقد طعنوا في روايته بحجة كثرتها وإسلامه المتأخر سنة 7هـ، فاتهموه بالكذب والتزوير، ولكن لما قام بعض الباحثين بدراسة هذه التلبيسات والأكاذيب تبيّن لهم أن مجموع أحاديث أبي هريرة في كتب السنة هي 8960 حديثا وهو رقم كبير لمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم 3 سنوات فقط!
لكنهم قد فاتهم أن أبا هريرة كان يأخذ السنة عن بقية الصحابة ويرويها أيضاً وأن وفاته تأخرت لسنة 59هـ، لكن الأهم من ذلك أن هذه الروايات حين يُحذف المكرر منها تنخفض بشدة إلى 1475 حديثاً فقط أي بنسبة 80 % تقريباً! ولاحِظ هنا مقدار التهويل والتلاعب الذي يقوم به المغرضون لتشويه السنة النبوية وتشويه رواتها، لكن المفاجأة الكبرى والحقيقية حين نكتشف أن عدد الأحاديث التي انفرد بها أبو هريرة عن بقية الصحابة رضي الله عنهم هي فقط 42 حديثاً، لينكشف لنا مقدار ضخامة الخداع والتضليل الذي يمارس علينا ويسعى لتشكيك المسلمين بأصول دينهم وعقيدتهم.
عموما؛ لن تتوقف الأكاذيب والأباطيل عن الطعن في الإسلام وأصوله وثوابته، ولكن هل نحارب هذه الأمية الدينية التي تصيبنا بالكوارث وتجعلنا نقع في فخ الأعداء دوماً؟