التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الخرافة الداروينية


 

(الخرافة الداروينية )

لم يستطعْ "داروين" ولا أحدٌ من شيعَتِه أن يعثرَ على أحافيرَ تُثْبِتُ وجود الحَلَقات المفقودة فيما بين كلِّ مخلوقٍ والمخلوق الذي ارْتَقَى عنه؛ كما بين السمكة والتمساح،  والتمساح والثدييات، والثدييات والقرود، والقرود والبشر، وهذه الحلقات المفقودة ينبغي أن تكونَ هائلة العدد للفروق الضخْمة بين المخلوق وسلفِه الذي ارْتَقَى عنه حسب السلسلة الداروينيَّة؛ يقول البروفيسور "مايكل دينتون": "إنّه على مقْتَضَى كلام "داروين" يلزمُ أن يكونَ هناك البلايين من المخلوقات"[1].


إنّ زعْمَ "داروين" ببقاء الأصْلح مَرْدودٌ بالواقع المرئي في الطبيعة من الأعْداد الهائلة من الأنواع غير الصالحة من الكائنات الأُحَاديةِ الخَلِيَّة، والجراثيم والمخلوقات البسيطة الخَلْق.


فإذا كانتْ هذه المخلوقات أصولاً ترقّتْ عنها الكائنات الأعْقد خَلْقًا والأصْلح للبقاء، فلِمَ بقيتْ هذه إلى جنْب تلك ولمْ تنقرضْ مُفْسِحةً الكونَ للمخلوقات الأصْلح؟!


يقول "داروين" نفسُه: "طالَمَا تساءَلَ بعضُ الباحثين: كيف أنّ أثَرَ الانتخاب الطبيعي ما دامَ بالغًا إلى الحدود البعيدة القصيَّة لم يَسْتحدثْ في أنواع مُعيَّنة تراكيبَ إن  استُحْدثتْ فيها، كانتْ ذاتَ فائدة كبيرة لها؟ غير أنَّه ممّا يُضادُّ بديهة العقْلِ أنْ نحاولَ الإجابة عن هذا السؤال وأمثالِه إجابة بيَّنة، إذا قدَّرنا مبلغَ جهْلِنا بتاريخ كلِّ نوعٍ من الأنواع"[2].


إنّ كلَّ ما قامَ به "داروين" هو أنّه لاحظَ أوْجه التشابه بين المخلوقات وأوْجه الاختلافِ بينها، فرتَّبَ هذه المخلوقات في سلسلةٍ تطوُّريَّة تصاعُديَّة على أساس اشتراكها تصاعديًّا في الصفات، وادَّعَى أنّ هذا التسلسلَ هو الذي حدثَ في الكون.


وإنّ أحدَ الأدلّة المنطقيَّة التي تدْحضُ أفكارَ "داروين" أنَّ المقدِّمات التي انطلقَ منها هو وغيرُه من أصحاب فِكرة التطوُّر لم تؤَدِّ إلى نتائجَ متطابقة من سلسلةٍ تطوُّريَّة واحدة.


وعلى سبيل المثال أعلنَ الدكتور "لويجيني أميندولا" الإيطالي أنّه قد اكتشفَ نظريَّة حديثة في التطوُّر، يقول فيها: إنّ الإنسانَ والدُّبَّ ينحدران من أصْلٍ واحدٍ ليس هو القِرْد!


ويدَّعِي أنّ شجرةَ السُّلالات للأنواع الحيَّة تكشفُ عن فَرْقٍ رئيسٍ ومُهِمٍّ بيْنَ الإنسان والدُّبِّ وآكلي اللحوم من الحيوانات التي تميلُ للحياة فوقَ الأرض من ناحيةٍ، والقرود التي تعيش فوقَ الأشْجار من ناحيةٍ أخرى، وفي رأْيِه أنَّ تركيبَ عظام الأرْجُل عند الإنسان والدِّبَبَة تكادُ تكون متشابهةً، وهي تختلفُ كثيرًا عن تركيب العِظام عند القِرَدَة"[3].


إنّ قوانينَ عِلْمِ الوراثة وما بيَّنَتْه من طرائقِ انْتقال الصفات الوراثيَّة لتتصادمُ أشدَّ التصادُم مع نظريَّة "داروين"، حتى إنَّها لتقفُ منها موقفَ النقيض تمامًا؛ فهي تؤكِّدُ أنَّ هناك جمودًا - إذا صحَّ التعبير - يتحكَّم بالصفات الوراثيَّة التي يتّصفُ بها كلُّ مخلوقٍ تنتقلُ معه من جيلٍ إلى جيلٍ، ولا تتغيَّر إلا بطفراتٍ نادرةٍ في أفرادٍ قَليلين جدًّا لا بمجْمل النوع، فنحنُ نشاهدُ أنَّ "الرِّجالَ لا تنمو لِحَاهم أقصر مِن قبلُ؛ لأنهم يحلقونها[4].


هذا على سبيل المثالِ في بني الإنسان، كغيرهم من المخلوقات التي تتحكَّم الجِينات الوراثيَّة بصفاتها الخِلْقيَّة تحكُّمًا مُنظَّمًا، من أصْغر خليةٍ في جسد كائنٍ ما إلى أعْقد ما يمكنُ أن يكونَ مِن خَلْق هذا الكائنِ.


وإنّ مسألةَ الطفرة أو المصادفة التي يعتمدُ عليها "داروين" وأبناؤه من أصحاب الداروينيَّة الجديدة - لأضْحوكة كُبرى ومَهْزلةٌ يسخرون بها من أصحاب العقول الساذجة، فليس للمصادفة وجودٌ في هذا الكون، لا في  بَدءِ الخَليقة ولا في مراحلِها الأخرى.


تقول الأرْقام: "البروتينات هي المادة الأساسيَّة التي تتكوَّن منها الخَليَّة، وهي مكوَّنةٌ من خمسة عناصر، هي: الكبريت (s)، والأوكسجين (o)، والفحْم (c)، والهيدروجين (h)، والآزوت 👎.


ولنفترضْ جدلاً أنّ أحدَ الخبراء الكيميائيين استطاعَ تكوينَ جزيء بروتيني واحدٍ، وهذا الجزيء طبعًا - كما يقول الكيميائيُّون - يتكوَّن من ذرَّاتٍ عددُها (40000) ذرّة في الجزيء الواحد، فماذا نعتبرُ هذا الإنسان؟ سنعتبره عالمًا بارعًا عظيمًا يستحِقُّ كلَّ تبجيلٍ!


حسنًا، لِنُفكِّرْ بما يلي:

حسَبَ "تشارلز يوجين جاي" - العالم السويسري - إمكانَ تشكُّلِ جزيءٍ واحدٍ عن طريق المصادفة، فكانتْ (1) إلى (10 أُس160)؛ أي: (1) وتقابله (10) وأَمامها وأمامه (160) صِفرًا، فهل للمصادفة فرصةٌ؟!!


وحسَبَ أيضًا الزمنَ اللازم لحدوث هذا التفاعُلِ مصادفة (10 أُس 243) سنة؛ أي: (1) وأمامه (243) صفرًا، وقد مرّ معنا عمرُ الأرض فقارنه بهذا الرقم[5].


وإنَّ الكميَّة اللازمة لحدوث هذا التصادُف من موادِّ الكُرة الأَرْضيَّة هو بحجْمِ كرةٍ ضخْمةٍ يحتاجُ الضوءُ لكي يقطعَ نصفَ قُطْرها (10 أُس 82) سنة ضوئية؛ أي: (1) وأمامه (82) صفرًا من السنين الضوئيَّة، وهذا الحجمُ يفوقُ حَجْمَ الكونِ أجْمع بما فيه أبْعَد النجوم التي يستغرقُ ضوءُها (2) × (10 أُس 6)  سنة ضوئيَّة؛ ليصلَ إلينا[6].


حسَبَ العالم الإنكليزي "ج .ب. ليتز" عددَ الطُرُق التي يمكنُ أن تتَّحِدَ بها ذرَّات البروتين بعضُها مع بعض  لتشكيل جزيء بروتينيّ واحدٍ، فكان عددُ الطرق (10 أُس 48)؛ أي: (1) وأمامه (48) صِفرًا، ولو تألّفتْ وتجمَّعتْ بغير الطريقةِ الحالية، لأصبحت سمومًا، فأين حظُّ المصادفة"[7].


إنّه حسب الإحصاءات فإنَّ المُدَّة التي يحتاجُ إليها البشرُ ليتضاعفَ عددُهم هي (161, 25) من السنين مع احتمالِ زيادةٍ أو نُقصان عشرين سنة، وآخذين في الحُسْبان الولادة والوفاة والحروبَ، وإنّ "داروين" ادَّعى أنَّ الإنسانَ ظَهَرَ على الأرض قبلَ مليونَي سنةٍ، فيلزم من كلامِ "داروين" أنْ يكونَ عددُ سُكّان الأرض هذه الأيام (2 أُس 1240)؛ أي: (189321397)، وإلى جانبها (365) رقْمًا إلى اليمين"[8].


المصادر 


[1] م. دينتون: "التطوّر والنشوء والارتقاء نظريّةٌ في محنة": ص (310).

[2] تشارلز داروين؛ "أصل الأنواع"، ص (447).

[3] قيس القرطاس؛ "نظرية داروين بين مؤيّديها ومعارضيها"، ص (140).

[4] كريسي موريسون؛ "العلم يدعو إلى الإيمان"، ص (147).

[5] عُمْر الأرض قُدِّرَ بِـ (3000) مليون سنة.

[6] د. شوقي أبو خليل؛ "الإنسان بين العلم والدين"، ص (233).

[7] د. شوقي أبو خليل؛ "الإنسان بين العلم والدين" ص (234).

[8] و. ويليامز؛ "نظرية تطوّر ونشوء وارتقاء الإنسان مفنّدةً في خمسين حُجّةً"، ص (10).

المقالات الأكثر رواجا

معاني كلمات القرآن الكريم - سورة مريم

بسم الله الرحمن الرحيم نرفق لكم أخوتنا الكرام ملف كامل عن معاني الكلمات مع لطائف شرح و تفسير الآيات لسورة مريم في  القرآن الكريم يمكن تحميلها عبر هذا الرابط

الرد المبين على افتراءات مقالة أخطاء القرآن العلمية والردود الصلعمية الفاشلة عليها

الرد المبين على افتراءات مقالة أخطاء القرآن العلمية والردود الصلعمية الفاشلة عليها  هنا تجدون ردود على مجموعة أكاذيب وافتراءات ضخمة جمعها اعداء الاسلام، في سبيل الافتراء على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والادعاء انهما يحتويان على أخطاء علمية. اسم مجموعة الافتراءات والأكاذيب " أخطاء القرآن العلمية والردود الصلعمية الفاشلة عليها " وقد أبقيت على كل افتراء واتبعته بردٍ يليه . راجيًا أن يكون ذلك في ميزان حسناتي وحسنات أهلي، ولا تنسوني من دعائكم ( محمد سليم مصاروه - صيدلي وماجيستير في علوم الأدوية ) أخطاء القرآن العلميّة و الردود الصلعميّة الفاشلة عليها : الافتراء : 1 - زوجيّة الأشياء في القرآن : مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ / الذاريات : 49 وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ / الرعد : 3 حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ / هود : 11 و اذا طبقنا هذه الآبات وجدنا فيها شيئاً من التناقض مع الوقائع المكتشفة عل

الرد المبين على الإفتراء في مقالة أخطاء القرآن العلمية

تجدون في أسفل المقالة رابط تحميل ملف نصي لردود على مجموعة أكاذيب وافتراءات ضخمة جمعها اعداء الاسلام، في سبيل الافتراء على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والادعاء انهما يحتويان على أخطاء علمية. اسم مجموعة الافتراءات والأكاذيب " أخطاء القرآن العلمية والردود الصلعمية الفاشلة عليها " وقد أبقيت على كل افتراء واتبعته بردٍ يليه . راجيًا أن يكون ذلك في ميزان حسناتي ، ولا تنسوني من دعائكم (محمد سليم مصاروه - صيدلي وماجيستير في علوم الأدوية ) للتحميل انقر هنا

الرد على الإفتراء القائل بأن هناك أخطاء حسابية في توزيع الميراث في القرآن -العول

الرد على الافتراء القائل بأن هناك أخطاء حسابية في توزيع الميراث في القرآن -العول بقلم محمد سليم مصاروه يفتري المستلحدون واعداء الإسلام على القرآن الكريم ويزعمون أن القرآن فيه أخطاء حسابية حول تقسيم حصص الميراث ويتمادون في كذبهم فيَدَّعون أن القرآن من تأليف محمد (صلى الله عليه وسلم) وأنه أخطأ حسابياً في تحديد الحصص وذلك لأنه في حالات مُعَيَّنة يكون مجموع حصص الورثة أكثر من ١٠٠٪؜ وفِي حالات أخرى يكون أقل من ١٠٠٪. والحقيقة أن من يشكك في القرآن الكريم فهو أكثر من مدعو إلى أن يحاول أن يكتب شيئًا مثل القرآن الكريم وليقدم لنا  إبداعاته! على كل حال، حدَّدت آيات القرآن الكريم مقدار حصص الوارثين المحتمل وجودهم على الغالب أثناء تقسيم الميراث، فمثلاً ترث الأخت نصف مقدار الأخ الشقيق ولكن هناك الكثير من الاحتمالات لوجود عدة أنواع من الورثة في نفس الوقت مثل (أخ، أخت، عّم، جد حفيد وكذا) وبطبيعة الحال ليس من المعقول افتراض تفصيل آيات القرآن الكريم لكل الحالات التي فيها تراكيب مختلفة من الوارثين، وإلِّا لصار القرآن مُجَلَّدات من الحسابات والمعادلات الرياضية وعندها سيكون سُمْكُه مثل

الرد على الافتراء القائل بان في القرآن خطأ علمي حين قاليَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ

  الرد على الافتراء القائل بان في القرآن خطأ علمي حين قال "يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" وكذلك السنة الشريفة أخطأت بشأن كيفية تحديد جنس الجنين  بقلم:محمد سليم مصاروه  نعرض عليكم الافتراء اولًا يتبعه الرد: الافتراء: يقول : "خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ / الطارق: 6 - 7 شرح المفسرين : ‪http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=38118‬ الإنسان لا يخلق من ماء المرآة ومن المعروف طبيّاً أن اتحّاد البويضة داخل الرحم مع نطفة واحدة من الرجل هو من يكوّن الجنين ثانياً ذلك الماء لا يتكوّن من المنطقة الصدرية عندها ( الترائب ) , و لا يتكون مني الرجل من منطقته الصدريّة أيضاً ( الصلب ) هو يتكون في الخصيتين خارج البطن بعيداً عن منطقة الصدر !! وهذا ايضاً حديث صحيح يوضح مقصد الآية اكثر :" ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله " صحيح مسلم ‪http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=sh

من هو العزير الذي قالت عنه اليهود أنه ابن الله ؟

من هو العزير الذي قالت عنه اليهود أنه ابن الله ؟  بقلم : محمد سليم مصاروه هو عزرا بن يوسف او عزرا الكاتب עֶזְרָא הַסּוֹפֵר  (باللاتينية: Esdras) 480-440  ق.م هو أحد أنبياء اليهود (وفقاً للعهد القديم وليس هناك تأكيد او نفي لذلك في القرآن والسنة ) كان موظفًا في بلاط إمبراطور الفرس (ارتحتشستا) ومستشارًا له في شؤون الطائفة اليهودية وكان ملماً بالتوراة ومدرساً لتعاليمها وكذلك كان كاتباً ماهراً للنصوص الدينية وقد تمكن عزرا  من أن ينال عفو الإمبراطور عن اليهود وسماحه لهم بالعودة إلى القدس وإقامة حكم ذاتي لهم، فقاد مجموعة يهود المنفى في بابل إلى  القدس وهناك  فرض احترام التوراة وأعاد تعاليمها وطهر المجتمع  اليهودي من الزواج المختلط، ولهذه الأسباب يحتل عزرا الكاتب مكانه عاليه جداً في الإرث الديني اليهود وقصته  مذكوره في ( سفر عزرا ) في العهد القديم ونجد في ملاحق الشروحات اليهوديه للمشناه والمعروفه باسم ( توسفتا ) תוספתא نجد رأياً يُزعم ان عزرا الكاتب كان مستحقاً لان تتنزل عليه التوراه لولا ان موسى عليه السلام سبقه ! כי ראויה הייתה התורה להינתן על ידיו, אלא שבא משה רבנו וקדמו كذلك  هناك

معاني كلمات القرآن الكريم - سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم نرفق لكم أخوتنا الكرام ملف كامل عن معاني الكلمات مع لطائف شرح و تفسير الآيات لسورة البقرة في القرآن الكريم يمكن تحميلها عبر هذا الرابط