ما الحكمة من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
على النقيض مما يشيعه أعداء الإسلام والحاقدين عليه بجعلهم الدافع للنبي صلى الله عليه وسلم على التعدد هو دافع شهواني فقط، متجاهلين ان كل من تزوجهن كن نساء كبيرات السن ثيبات ما عدا عائشة رضي الله تعالى عنها. ولو كان الدافع شهوانياً بحتاً لتزوج الفتيات الأبكار ولفعل ذلك من بدايات شبابه وفِي كهولته حين استتبت له الامور.
اختلف أصحاب السير في عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن على وجه التحديد، إلا أنهم اتفقوا على أنه دخل بإحدى عشرة امرأة هن: خديجة بنت خويلد أم أبنائه وبناته الأطهار، ولم يتزوج عليها غيرها مدة حياتها حتى توفاها الله تعالى، ثم عائشة بنت أبي بكر الصديق، وسودة بنت زمعة، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن صخر، وصفية بنت حيي بن أخطب، وميمونة بنت الحارث،
وقد كان عند الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من أربع زوجات في آن واحد، وذلك من خصوصياته، فيجوز له أن يجمع أكثر من أربع في عصمته بالإجماع. وذلك لأسباب عده اليكم إياها بإيجاز
1- نقل السنه وتعليم الناس افعال الرسول وأقواله :
بطبيعة الحال ، الزوجة ألصق الناس بزوجها، وأعلمهم بحاله، وأجرؤهم على سؤاله، والزوج أيضاً أبوح لزوجته، وأكثر مصارحة لها في أمور كثيرة، وخاصة فيما يستحيا عادة من ذكره، فكان من الحكمة البالغة أن تكثر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لينقلن الخاص والعام من أقواله وأحواله وأفعاله التشريعية، ويسألنه عما لا يجرؤ غيرهن على أن يسأله عنه، ثم يبلغن ذلك للناس وخاصة للنساء حين يتعلق الامر بخصوصياتهن ومن تصفح دواوين السنة يلاحظ دور نساء الرسول وخاصة عائشه رضي الله عنها في تبليغ سنته .
2-: توثيق عرى الترابط الاجتماعي:
أتاح الزواج باكثر من أربع الفرصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتوثيق صلته ببطون قريش العديدة، مما جعل القلوب تلتف حوله، في إيمان وإكبار وإجلالاً فقد تزوج نسوة من قريش منهن بنتا وزيريه: أبي بكر وعمر.
3- :تمتين العلاقه مع باقي القبائل والبطون :
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده عدداً لا بأس به من بنات القادة، مما جعل له مكانة عند أهالي تلك النساء، إذ من العادة أن الرجل إذا تزوج من قبيلة أو بطن صار بينه وبين تلك القبيلة أو البطن قرابة بالمصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم لنصرته وحمايته، ولا يخفى ما في ذلك من مصلحة الدعوة.
4- حكمة تشريعيه:
كان التبني جزءا من الدين المتوارث في الجاهلية، فكان الرجل يتبنى ولدا ليس من صلبه، فيكون ابنا حقيقيا في النسب، والطلاق، والزواج وكان يحرم في الجاهليه الزواج من طليقة الابن المُتَبنى فلما جاء الاسلام أبطل المفاهيم الجاهليه للتبني ويضمنها الامتناع عن الزواج من طليقة المُتَبنى
وكان زيد بن حارثه الذي تبناه الرسول في الجاهلية متزوجاً من ابنة عمة رسول الله "زينب بنت جحش " ثم سائت العلاقة بينهما، فطلق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل بدعة التبني، ويقيم أسس الانتساب إلى الآباء الحقيقيين.
5- الرحمة والوفاء:
من أعظم دوافع زواجه بأمهات المؤمنين، فمثلا زواجه بأم سلمة-على كبر سنها- كان رحمة بها ورعاية لأولادها الأيتام، ووفاءا لزوجها الذي استشهد في سبيل الدفاع عن الإسلام، أما زواجه ببنات زعماء القبائل، فكان رحمة بهن، واشفاقا عليهن من آثار السبي، وفي ذلك تكريم للمرأة أيما تكريم، ودليل على نبل أخلاقه.
6- : إبراز كمال أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
فقد وصفه رب العزه بالخُلق العظيم حيث قال في شأنه (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم جمع هؤلاء النسوة اللاتي هن من بطون شتى، وقد تربين في بيئات وحالات اجتماعية متفاوتة، إضافة إلى التفاوت الكبير في أعمارهن وارتباطاتهن الأسرية قبله، فمنهن الصغيرة البكر، ومنهم الكبيرة المسنة، ومنهن ذات الولد من غيره، ومنهن من كانت زوجة لرجل غني، ومنهن من كانت زوجة لرجل فقير، وآخر أمير، وآخر دون ذلك، فاستطاع صلوات الله وسلامه عليه بفضل الله تعالى عليه، ثم بما طبعه الله عليه من كمال خلقه، ورجاحة عقله، ورسوخ علمه وحلمه، وسعة صدره، وبالغ حكمته، استطاع بذلك أن يعطي كل واحدة منهن حقها ويعاملها حسب ما يليق بها، ويتناسب مع حالها، مع تحقيق كمال العدل بينهن، واستطاع أيضاً بذلك السلوك الرفيع، وتلك الإدارة الناجحة لهذه العلاقات الزوجية المتشعبة أن يحتوي كل ما من شأنه أن يكون سبباً لتأزم تلك الحياة الزوجية، وأن يمتص كل تلك الفوارق المشار إليها آنفاً لينسجم ذلك البيت الطيب المبارك الطهور في دعة واستقرار. هذا في الوقت الذي قد يعجز فيه الفرد عن إدارة ناجحة لبيته الذي فيه امرأة واحدة والتي ربما بذل كل جهده في اختيارها على أسس كان يرجو من خلالها أن ينسجم معها، وتنسجم معه، ناهيك عن صاحب الاثنتين أو الثلاث أو الأربع.
اللهم صَل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم