تاريخ الاسلام في سطور- معركة مُؤْتَة
بقلم : محمد سليم مصاروه
حدثت في جمادى الأول من 8 هـ (أغسطس 629 م) في مؤتة (محافظة الكرك الأردن) تنامت قوة المسلمين خلال السنتين 6-7 هجرية فلفت ذلك انظار قبائل شمال شبه الجزيرة العربية وشعرت بالخطر. كانت تلك القبائل موالية للإمبراطورية الرومانية وقسم منها كان نصرانيًا. صارت قبائل الشمال تتعرض للمسلمين وتقتل من يمر بها، ردَّ عليهم ﷺ بعدة سرايا وجهها إليهم. في السنة الثامنة هجريًا أرسل ﷺ مبعوثًا برسالة إلى حاكم بصرى (جنوب سوريا اليوم) يدعوه إلى الإسلام، ولكن والي منطقة البلقاء (في منتصف غرب الأردن) اعترض طريق المبعوث وقتَله، وكان قتل الرُسل يُعتبر من أفظع الجرائم وبمثابة إعلان حرب. قام ﷺ بتجهيز أكبر جيش للمسلمين حتى تلك اللحظة بتعداد 3000 مقاتل، وعَيَّن زيد بن حارثة قائدًا عليهم، فإنْ قُتِلَ زيدٌ فجعفرٌ ابن ابي طالب وإن قُتِلَ جعفرٌ فعبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ. تحرك جيش المسلمين نحو الشمال لمسافة فاقت 1000 كيلومتر،وفي معان (جنوب الاردن وصلت إلى المسلمين معلومات استخباراتية مفادها ان قبائل شمال شبه الجزيرة قد جمعت لهم 100 ألف مقاتل وكذلك جمع هرقل لهم نفس العدد، وبذلك يكون المسلمين 3 الآف مقابل 200 الفًا! لم يتوقع المسلمون أن يقابلواجيشًا بذلك الحجم، فأمضوا ليلتين يتشاورون فيما بينهم، هل يرسلوا الى ﷺ وينتظروا توجيهاته (وذلك سيستغرق عدةاسابيع) ام يتراجعوا، ام يقدموا على خوض المعركة؟ في النهاية استقرَّ الرأي وفقا لرغبة عبد الله بن رواحة في خوض المعركة وطلب الشهادة.
تقدّم جيش المسلمين وقاتلوا ببسالةٍ فائقة، واستشهد امراء الجيش الثلاثة، فَتسلم خالد بن الوليد، الذي اعتنق الاسلام قبل المعركة بسنة، قيادة الجيش وقاتل بضراوة كبيرة. في اليوم الثاني قام خالد بخطة ايهام عبقرية وذلك عن طريق استبدالميسرة الجيش بالميمنة والمقدمة بالمؤخرة، وجعل فرقة خلف الجيش بعيدا تتقدم وكأنها تنضم الى الجيش للتو فتوهم الرومان بأنّ المسلمين قد جاءهم الدعم . وعندما تجدد القتال تراجع خالد بالمسلمين قليلاً، فظنَّ الروم بأنّ المسلمين يخدعونهم ويريدون سحبهم للقتال في عمق الصحراء، فلم يلحقوا بهم وبذلك نجح خالد بن الوليد رضي الله عنه في إنقاذ المسلمين حتّى عادوا إلى المدينة سالمين.
كانت معركة مؤتة اول مواجهه بين المسلمين مع الروم حيث اظهر المسلمون فيها اقدام منقطع النظير وبسالة اسطورية، كما وبرزت حنكة خالد بن الوليد رضي الله عنه وبراعته التكتيكية